الكلي حيث يصدق على حصص متعددة ، وأمّا المعنى الجزئي فلا يعقل فيه الاطلاق والتقييد.
ولكنّه يندفع أوّلاً : بما حققناه في مبحث المعنى الحرفي (١) من أنّ الحروف لم توضع للمعاني الجزئية الحقيقية حتّى لا تكون قابلة للتقييد ، وإنّما وضعت للدلالة على تضييق المعاني الاسمية وتخصيصها بخصوصية ما ، ومن الواضح أنّ المعنى الاسمي بعد تخصيصه وتضييقه أيضاً قابل للانطباق على حصص وأفراد كثيرة في الخارج ، وذلك كما إذا كان أحد طرفي المعنى الحرفي كلياً أو كلاهما ، مثل قولنا : سر من البصرة إلى الكوفة ، فانّ السير كما كان قبل التضييق كلياً قابلاً للانطباق على كثيرين ، كذلك بعده ، فعندئذ بطبيعة الحال يصير المعنى الحرفي كلياً بتبعه.
وثانياً : أنّ التقييد على قسمين : الأوّل : التقييد بمعنى التضييق والتخصيص ، وفي مقابله الاطلاق بمعنى التوسعة. الثاني : بمعنى التعليق ، وفي مقابله الاطلاق بمعنى التنجيز ، وعليه فلو سلّمنا أنّ المعنى الحرفي جزئي حقيقي ، إلاّ أنّ الجزئي الحقيقي غير قابل للتقييد بالمعنى الأوّل ، وأمّا تقييده بالمعنى الثاني فهو بمكان من الوضوح ، بداهة أنّه لا مانع من تعليق الطلب الجزئي المنشأ بالصيغة أو بغيرها على شيء ، كما إذا علق وجوب إكرام زيد مثلاً على مجيئه حيث لا محذور فيه أبداً.
الثانية : ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) من أنّ المعنى الحرفي وإن كان كلياً ، إلاّ أنّه ملحوظ باللحاظ الآلي فلا يرد عليه الاطلاق والتقييد ،
__________________
(١) راجع المجلد الأوّل من هذا الكتاب ص ٨٣ وما بعدها.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٩٥.