لأ نّهما من شؤون المعاني الملحوظة باللحاظ الاستقلالي ، وبما أنّ معنى الهيئة معنى حرفي فلا يتصف بالاطلاق حتّى يصلح للتقييد ، ولأجل ذلك امتنع رجوع القيد إلى مفاد الهيئة.
ويرد عليه أوّلاً : ما حققناه في مبحث الحروف بشكل موسّع من أنّ ذلك ـ أي المعنى الحرفي ملحوظ باللحاظ الآلي ، والمعنى الاسمي ملحوظ باللحاظ الاستقلالي ـ وإن كان كلاماً مشهوراً بين الأصحاب ، إلاّ أنّه لا يبتني على أصل صحيح ، ومن ذلك ذكرنا هناك أنّه لا فرق بين المعنى الحرفي والمعنى الاسمي من هذه الناحية أبداً ، بل ربّما يكون مورد الالتفات والتوجه استقلالاً هو خصوص المعنى الحرفي ، وذلك كما إذا علمنا بورود زيد مثلاً في بلد ونعلم أنّه سكن في مكان ، ولكن لانعلم المكان بخصوصه ، فنسأل عن تلك الخصوصية التي هي معنى الحرف ، أو إذا علمنا وجود زيد في الخارج وقيامه ، ولكن لا نعلم خصوصية مكانه أو زمانه ، فنسأل عن تلك الخصوصية وهكذا ، ففي أمثال هذه الأمثلة المعنى الحرفي هو الملحوظ مستقلاً والمورد للتوجه والالتفات كذلك. وقد تقدّم تفصيل ذلك فلاحظ.
وثانياً : على تقدير تسليم أنّ المعنى الحرفي لا بدّ أن يلحظ باللحاظ الآلي ، إلاّ أنّه إنّما يمنع عن طروء التقييد عليه حين لحاظه كذلك ، وأمّا إذا قيّد المعنى أوّلاً بقيد ، ثمّ لوحظ المقيّد آلياً ، فلا محذور فيه أبداً ، وعليه فلا مانع من ورود اللحاظ الآلي على الطلب المقيد في رتبة سابقة عليه.
الثالثة : ـ وهي العمدة في المقام ـ أنّ رجوع القيد إلى مفاد الهيئة بما أنّه مستلزم لتفكيك الانشاء عن المنشأ والايجاب عن الوجوب الذي هو مساوق لتفكيك الايجاد عن الوجود فهو غير معقول ، والسبب في ذلك : هو أنّه لا ريب في استحالة تفكيك الايجاد عن الوجود في التكوينيّات ، حيث إنّهما واحد ذاتاً