وجوب الاكرام على مجيء زيد. وحمله على كون الوجوب فعلياً والقيد ـ وهو المجيء ـ راجعاً إلى المادة وهي الاكرام خلاف الظاهر جداً ، فلا يمكن الالتزام به بدون قرينة ، بل يمكن دعوى أنّ ذلك غلط ، فان أدوات الشرط لا تدل على تعليق المعنى الافرادي.
وكيف كان ، فالصحيح هو ما ذهب إليه المشهور من رجوع القيد إلى الهيئة دون المادة ، فما أفاده شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره من رجوع القيد إلى المادة دون الهيئة خاطئ جداً. هذا بناءً على أن تكون الأحكام الشرعية تابعة للملاكات في أنفسها واضح ، حيث إنّ الملاك القائم في نفس الحكم قد يكون فعلياً يدعو إلى جعله واعتباره كذلك ، وقد لا يكون فعلياً وإنّما يحدث في ظرف متأخر ، فالمولى في مثله لا محالة يعتبره معلّقاً على مجيء وقت اتصافه بالملاك.
وأمّا بناءً على كونها تابعة للملاكات في متعلقاتها فالأمر أيضاً كذلك ، لا لما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) من أنّه قد يكون المانع موجوداً من الطلب والبعث الفعلي فلا بدّ من التعليق ، وذلك لأنّ عدم فعلية الأمر قد يكون من ناحية عدم المقتضي ، وذلك كالصلاة قبل دخول الوقت ، والحج قبل الاستطاعة ، والصوم قبل دخول شهر رمضان وما شاكل ذلك ، فان في أمثال هذه الموارد لا مقتضي للأمر ، فلو جعل فلا بدّ من جعله معلّقاً على فرض تحقق المقتضي له في ظرفه ، وإلاّ كان لغواً. نعم ، قد يكون المقتضي موجوداً ، ولكن لا يمكن الأمر فعلاً من جهة وجود المانع ، ففي مثل ذلك لا بأس بجعله معلّقاً على ارتفاعه. فالنتيجة : أنّ في موارد عدم المقتضي لا مانع من جعل الحكم معلّقاً على فرض تحققه في موطنه ، كما أنّه لا مانع من جعله معلّقاً على فرض
__________________
(١) كفاية الاصول : ٩٧.