اليد عن إطلاقها فكذلك يوجب رفع اليد عن إطلاق المادة ، بمعنى أنّها لا تقع على صفة المطلوبية بدونه ، لفرض عدم الوجوب قبل وجوده ، ومعه لا تكون مصداقاً للواجب. مثلاً لو افترضنا أنّ وجوب إكرام زيد مقيد بمجيئه يوم الجمعة ، فهذا بطبيعة الحال يستلزم تقييد الواجب أيضاً ـ وهو الاكرام ـ يعني أنّه يدل على أنّ المطلوب ليس هو طبيعي الاكرام على الاطلاق ، بل هو حصة خاصة منه وهي الحصة الواقعة في يوم الجمعة.
مثلاً الاستطاعة قيد لوجوب الحج ، وهي تدل على تقييد الواجب أيضاً ، بمعنى أنّه ليس هو طبيعي الحج على نحو السعة والاطلاق ، بل هو حصة منه وهي الواقعة بعدها ، وهذا بخلاف ما إذا رجع القيد إلى المادة دون الهيئة ، فانّه لا يلزم منه رفع اليد عن الاطلاق في طرف الهيئة أصلاً ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّه لا شبهة في أنّ في كل مورد إذا دار الأمر بين رفع اليد عن إطلاق واحد ورفع اليد عن إطلاقين تعيّن رفع اليد عن الأوّل ، فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي تعيّن رجوع القيد إلى المادة دون الهيئة.
ولكن ناقش في ذلك المحقق صاحب الكفاية قدسسره فيما إذا كان التقييد بمتصل دون ما إذا كان بمنفصل ، يعني أنّه قدسسره سلّم ما جاء الشيخ قدسسره به في الثاني دون الأوّل ، وقد أفاد في وجه ذلك ما إليك نصّه : وأمّا في الثاني فلأنّ التقييد وإن كان خلاف الأصل ، إلاّ أنّ العمل الذي يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة وانتفاء بعض مقدماتها ، لايكون على خلاف الأصل أصلاً ، إذ معه لا يكون هناك إطلاق كي يكون بطلان العمل به في الحقيقة مثل التقييد الذي يكون على خلاف الأصل. وبالجملة لا معنى لكون التقييد خلاف الأصل إلاّكونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدمات الحكمة ، ومع انتفاء المقدمات لايكاد ينعقد له هناك ظهور ، كان ذاك العمل المشارك مع التقييد