في الأثر وبطلان العمل باطلاق المطلق ، مشاركاً معه في خلاف الأصل أيضاً. وكأ نّه توهم أنّ إطلاق المطلق كعموم العام ثابت ، ورفع اليد عن العمل به تارةً لأجل التقييد ، واخرى بالعمل المبطل للعمل به ، وهو فاسد ، لأنّه لايكون إطلاق إلاّ فيما جرت هناك المقدمات. نعم ، إذا كان التقييد بمنفصل ودار الأمر بين الرجوع إلى المادة أو الهيئة ، كان لهذا التوهم مجال ، حيث انعقد للمطلق إطلاق وقد استقرّ له ظهور ولو بقرينة الحكمة ، فتأمّل (١).
وأمّا شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) فقد وافق شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره في القرينة المتصلة والمنفصلة.
أمّا في المتصلة : فقد ذكر قدسسره أنّ الواجب فيها إرجاع القيد إلى نفس المادة لسببين :
الأوّل : أنّ رجوع القيد إلى المادة ولو كان ذلك في ضمن رجوعه إلى المادة ، بما أنّها منتسبة ومعروضة للنسبة الطلبية متيقن على كل حال ، وإنّما الشك في رجوعه إليها بعد الانتساب ، وبما أنّه يحتاج إلى بيان زائد من ذكر نفس القيد ، فالشك فيه يدفع بالاطلاق. ومن ذلك يظهر أنّ ما نحن فيه ليس من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح كونه قرينة ، بداهة أنّه إنّما يكون كذلك فيما إذا لم يكن التقييد محتاجاً إلى مؤونة اخرى مدفوعة بالاطلاق ، كما في موارد إجمال القيد مفهوماً ، وموارد تعقب الجمل المتعددة بالاستثناء ونحو ذلك. وأمّا فيما نحن فيه ، فحيث إنّ القدر المتيقن موجود في البين ، والمفروض أنّ احتمال رجوع القيد إلى المادة المنتسبة مدفوع بالاطلاق ، فلا يمكن للمولى أن يكتفي بما ذكره من القيد ، لو كان مراده تقييد المادة المنتسبة دون غيرها.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٠٧.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٣٦.