وكيف كان ، فقد ذكرنا أنّ الشرط المتأخر وإن كان ممكناً في نفسه ولا مانع من الالتزام به ، إلاّ أنّ وقوعه في الخارج يحتاج إلى دليل ، ففي كل مورد دلّ الدليل عليه فهو ، وإلاّ فلا نقول به. نعم ، لو قلنا باستحالته فلا بدّ من رفع اليد عن ظواهر تلك الأدلة.
وبكلمة اخرى : ينبغي لنا أن نتكلم حول هذه المسألة في مقامين :
الأوّل : على القول بامكان الواجب التعليقي ووقوعه في الخارج.
الثاني : على القول باستحالته أو عدم وقوعه وإن قلنا بامكانه.
أمّا المقام الأوّل : فلا إشكال في لزوم الاتيان بالمقدمات التي لو لم يأت بها لفات الواجب عنه في ظرفه ، من دون فرق فيه بين القول بوجوب المقدمة شرعاً والقول بعدم وجوبها كذلك ، أمّا على الأوّل فواضح. وأمّا على الثاني فلاستقلال العقل بذلك بعد إدراكه توقف الاتيان بالواجب عليها ، حيث إنّ وجوبه فعلي على الفرض ، ومن المعلوم أنّ العقل يستقل في مثله بلزوم امتثاله ، فلو توقف على مقدمات حكم بلزوم الاتيان بها أيضاً لأجل ذلك.
وعلى الجملة : فعلى ضوء هذا القول لا فرق بين المقدمات التي لا بدّ من الاتيان بها قبل وقت الواجب كمقدمات الحج ، والغسل في الليل ، وما شاكل ذلك ، وبين غيرها من المقدمات العامة فيما إذا علم المكلف بأ نّه لو لم يأت بها قبله عجز عنها في وقته ، فإنّه كما يحكم بلزوم الاتيان بالاولى يحكم بلزوم الاتيان بالثانية ، ولا فرق بينهما من هذه الناحية.
وإليه أشار ما في الكفاية (١) من أنّ الوجوب لو صار فعلياً لوجب حفظ القدرة على المقدمات في مورد يعلم المكلف أنّه يعجز عن الاتيان بها في زمن
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٠٤ ، ١٠٥.