على قدرته هذه أو لو أوجد المقدمة الفلانية لتمكن من حفظ بيضة الاسلام أو النفس المحترمة بعد شهر مثلاً ، وإلاّ لم يقدر عليه ، ففي مثل ذلك بطبيعة الحال يستقل العقل بوجوب التحفظ عليها أو بلزوم الاتيان بها لئلاّ يفوته الملاك الملزم فيه في ظرفه ، وقد عرفت عدم الفرق في حكم العقل باستحقاق العقاب بين مخالفة الأمر أو النهي الفعلي وتفويت الملاك الملزم.
وكذا الحال لو كان عدم فعلية التكليف من ناحية عدم دخول الوقت أو عدم حصول الشرط ، إذا افترضنا أنّ ملاك الواجب تام في ظرفه ، والقدرة فيه شرط عقلي فلا دخل لها بملاكه أصلاً ، وذلك كما إذا فرض أنّ ملاك الحج مثلاً تام في وقته وقد أحرزه المكلف ولم يكن التكليف المتعلق به فعلياً ، إمّا من ناحية استحالة الواجب التعليقي أو من ناحية عدم مساعدة الدليل عليه ، ففي مثله لا محالة يحكم العقل بوجوب الاتيان بتمام مقدماته التي لها دخل في تمكن المكلف من امتثاله في ظرفه وإلاّ لفاته الملاك الملزم باختياره ، حيث إنّه يعلم بأ نّه لو لم يأت بها لصار عاجزاً عن إتيان الواجب في وقته ، وبما أنّ عجزه مستند إلى اختياره فيدخل في كبرى القاعدة الآنفة الذكر : الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً ، فعندئذ يستحقّ العقاب على ذلك.
وإن شئت قلت : إنّ ترك المقدمة في أمثال المقام حيث إنّه يؤدي إلى تعجيز المولى عن تكليفه مع ثبوت المقتضي له ، فبطبيعة الحال يحكم العقل بعدم جوازه وبقبح ذلك. فالنتيجة : أنّ في كل مورد علم المكلف بتمامية ملاك الواجب في ظرفه وعلم بأ نّه لو ترك مقدمة من مقدماته قبل وقته أو شرطه لعجز عن إتيانه فيه ، فلا محالة يحكم العقل بلزوم إتيانها لفاقدها في أوّل أزمنة الامكان ، لتحصيل القدرة على الواجب ، ووجوب حفظها لواجدها ، لا من ناحية أنّ