تركها يؤدي إلى ترك الواجب الفعلي ، لفرض أنّ الواجب ليس بفعلي لا قبل الوقت كما هو واضح ، ولا بعده لعدم تمكنه وعجزه عن القيام به ، بل من ناحية أنّه يؤدي إلى تفويت الغرض الملزم ، وقد عرفت حكم العقل بقبحه واستحقاق العقاب عليه.
ثمّ إنّه هل يمكن استكشاف الحكم الشرعي من هذا الحكم العقلي بوجوب المقدمة بقاعدة الملازمة؟ فيه وجهان : فقد اختار شيخنا الاستاذ قدسسره (١) الوجه الأوّل بدعوى أنّ حكم العقل بذلك دليل على جعل الشارع الايجاب للمقدمة حفظاً للغرض ، فيكون ذلك الجعل متمماً للجعل الأوّل.
والصحيح : هو الوجه الثاني ، والسبب في ذلك أنّ مثل هذا الحكم العقلي لا يعقل أن يكون كاشفاً عن جعل حكم شرعي مولوي في مورده ، بداهة أنّه لغو صرف ، فان حكم العقل باستحقاق العقوبة على تقدير المخالفة وتفويت الغرض يكفي في لزوم حركة العبد وانبعاثه نحو الاتيان بالمقدمات ، كما هو الحال في مطلق موارد حكمه بحسن الاطاعة وقبح المعصية. نعم ، الملازمة بين الحكمين في مقام الاثبات إنّما تكون فيما إذا كان العقل مدركاً لملاك الحكم من المصلحة أو المفسدة غير المزاحمة ، وأين ذلك من إدراكه استحقاق العقاب كما في المقام ، فما أفاده قدسسره خاطئ جداً ، وعليه فلو ورد حكم من الشارع في أمثال هذا المورد لكان إرشاداً إلى حكم العقل لا محالة.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة : وهي أنّ في أمثال هذه الموارد لا إشكال في حكم العقل بوجوب الاتيان بالمقدمة قبل وجوب ذيها ، وعلى ضوئها يندفع الاشكال عن كثير من الموارد ، منها : وجوب الاتيان بمقدمات الحج قبل وقته.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٢١.