الجهة نتيجة الغيرية من ناحية عدم ثبوت وجوب الوضوء قبل الوقت في مفروض المثال. الثالثة : الشك في وجوب الوضوء بعد الوقت بالاضافة إلى مَن أتى به قبله ، ومرجع هذا الشك إلى أنّ وجوب الوضوء بعد الوقت مطلق أو مشروط بما إذا لم يؤت به قبله ، وبما أنّ وجوبه مشكوك فيه بالاضافة إلى مَن أتى به قبله ، فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عنه.
فالنتيجة هي : أنّ المكلف مخيّر بين الاتيان بالوضوء قبل الوقت وبعده قبل الصلاة وبعدها.
ولنأخذ بالنظر في هذه الجهات بيان ذلك : أنّ وجوب الوضوء في مفروض المثال المردد بين النفسي والغيري إذا كان نفسياً ، فلا يخلو من أن يكون مقيداً بايقاعه قبل الوقت أو يكون مطلقاً. وأمّا وجوبه الغيري فهو مقيد بما بعد الوقت على كل تقدير.
وعلى الأوّل : فلا يمكن جريان البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء ، لمعارضته بجريانها عن وجوبه النفسي قبل الوقت ، وذلك للعلم الاجمالي بأ نّه إمّا واجب نفسي أو واجب غيري ، وجريان البراءة عن كليهما مستلزم للمخالفة القطعية العملية ، وقد ذكرنا في محلّه (١) أنّه لا فرق في تنجيز العلم الإجمالي وسقوط الاصول عن أطرافه بين أن تكون أطرافه من الدفعيات أو التدريجيات ، وعلى ذلك فلا بدّ من الاحتياط والاتيان بالوضوء قبل الوقت ، فان بقي إلى ما بعده أجزأ عن الوضوء بعده ، ولا يجب عليه الاتيان به ثانياً ، وإلاّ وجب عليه ذلك بمقتضى حكم العقل بالاحتياط. فالنتيجة هي نتيجة الحكم بالوجوب النفسي والغيري معاً من باب الاحتياط.
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٤٢٩.