الاتيان بما يصدق عليه الخير والغفران في كل وقت وزمن ، وعليه فلو عصى المكلف وأخّر عن أوّل أزمنة الامكان وجب عليه ذلك في الزمن الثاني أو الثالث وهكذا فوراً ففوراً ، إذ من الواضح عدم سقوط وجوب المسارعة والاستباق بالعصيان في الزمن الأوّل ، لفرض بقاء الموضوع والملاك ، ونتيجة ذلك هي لزوم الاتيان بكافة الواجبات الشرعية فوراً ففوراً على نحو تعدد المطلوب.
ولنأخذ بالنقد عليه من عدّة وجوه :
الأوّل : أنّ الآيتين الكريمتين أجنبيتان عن محل الكلام رأساً ولا صلة لهما بما نحن بصدده.
أمّا آية الاستباق ، فلأنّ كلمة ( فَاسْتَبِقُوا ) فيها من الاستباق بمعنى المسابقة لغة ، وعلى هذا فظاهر الآية المباركة هو وجوب المسابقة على العباد نحو الخيرات ، يعني أنّ الواجب على كل واحد منهم أن يسابق الآخر فيها. وان شئت قلت : إنّ مدلول الآية الكريمة هو ما إذا كان العمل خيراً للجميع ، وأمكن قيام كل واحد منهم به ، ففي مثل ذلك أمر ( سبحانه وتعالى ) عباده بالمسابقة نحوه ، ومن الواضح أنّه لا صلة لهذا المعنى بما نحن فيه أصلاً ، وذلك لأنّ الكلام فيه إنّما هو في وجوب المبادرة على المكلف نحو امتثال الأمر المتوجه إليه خاصة على نحو الاستقلال مع قطع النظر عن الأمر المتوجه إلى غيره ، وهذا بخلاف ما في الآية ، فان وجوب الاستباق فيها إنّما هو بالاضافة إلى الآخر لا بالاضافة إلى الفعل ، فاذن لا تدل الآية على وجوب الاستباق والمبادرة إلى الفعل أصلاً ، ولا ملازمة بين الأمرين كما لا يخفى ،
وأمّا آية المسارعة ، فالظاهر من المغفرة فيها هو نفس الغفران الإلهي ، فالآية