بالمقدمة بقصد التوصل فقد امتثل الواجب وإلاّ فلا.
وفيه : أنّ هذه الدعوى لو تمّت لكان لما أفاده وجه صحيح ، ضرورة أنّ الثواب لا يترتب على الاتيان بالمقدمة مطلقاً ، وإنّما يترتب فيما إذا جاء المكلف بها بقصد التوصل والامتثال.
وذكر قدسسره مرّة ثانية أنّ مراد الشيخ قدسسره من اعتبار قصد التوصل إنّما هو اعتباره في مقام المزاحمة ، كما إذا كانت المقدمة محرمة ، ونقل قدسسره أنّ شيخه العلاّمة السيِّد محمّد الاصفهاني قدسسره كان جازماً بأنّ مراد الشيخ من اعتبار قصد التوصل هو ذلك ، ولكن كان شيخنا الاستاذ قدسسره متردداً بأنّ هذا كان استنباطاً منه أو أنّه حكاه عن استاذه السيِّد الشيرازي قدسسره.
وكيف كان ، فحاصل هذا الوجه هو أنّه لو توقف واجب نفسي كانقاذ الغريق مثلاً على مقدمة محرّمة بنفسها كالتصرف في مال الغير أو نحوه ، فبطبيعة الحال تقع المزاحمة بين الوجوب الغيري والحرمة النفسية ، وعليه فان جاء المكلف بالمقدمة قاصداً بها التوصل إلى الواجب النفسي ارتفعت الحرمة عنها ، وذلك لأنّ إنقاذ النفس المحترمة من الهلاك أهم من التصرف في مال الغير ، فلا محالة يوجب سقوط الحرمة عنه ، وأمّا إن جاء بها لا بقصد التوصل ، بل بقصد التنزه أو ما شاكله ، فلا موجب لسقوط الحرمة عنه أبداً.
وغير خفي أنّ المزاحمة في الحقيقة إنّما هي بين الحرمة النفسية الثابتة للمقدمة وبين الوجوب النفسي الثابت لذيها وإن لم نقل بوجوب المقدمة أصلاً ، فالتزاحم في المثال المزبور إنّما هو بين وجوب إنقاذ الغريق وحرمة التصرف في الأرض المغصوبة ، سواء أكانت المقدمة واجبة أم لا. وبكلمة اخرى : أنّ التزاحم المذكور لا يتوقف على القول بوجوب المقدمة ، فانّه سواء أقلنا