القربة فيه. وثانيهما : ما لا تعتبر المباشرة فيه من المكلف نفسه ، بل يسقط عن ذمته بفعل غيره ، بل ربّما لا يعتبر في سقوطه الالتفات والاختيار ، بل ولا إتيانه في ضمن فرد سائغ.
الخامسة : إذا شككنا في كون الواجب توصلياً بالمعنى الثاني وعدمه ، فان كان الشك في اعتبار قيد المباشرة في سقوطه وعدم اعتباره فمقتضى الاطلاق اعتباره وعدم سقوطه بفعل غيره. وأمّا إذا لم يكن إطلاق فمقتضى الأصل العملي هو الاشتغال دون البراءة. وأمّا إذا كان الشك في اعتبار الاختيار والالتفات في سقوطه وعدم اعتباره أو في اعتبار إتيانه في ضمن فرد سائغ فمقتضى الاطلاق عدم الاعتبار ، فالاعتبار يحتاج إلى دليل. هذا إذا كان في البين إطلاق ، وأمّا إذا لم يكن فمقتضى الأصل العملي هو البراءة.
السادسة : ما إذا شككنا في اعتبار قصد القربة في واجب وعدم اعتباره ، فهل هنا إطلاق يمكن التمسك به لاثبات عدم اعتباره أم لا؟
المعروف والمشهور بين الأصحاب هو أنّه لا إطلاق في المقام ، وقد تقدّم منّا أنّ هذه الدعوى ترتكز على ركيزتين : الاولى : استحالة تقييد الواجب بقصد القربة وعدم امكانه. الثانية : أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق. وذكروا في وجه الأوّل وجوهاً ، وقد ناقشنا في تمام تلك الوجوه واحداً بعد واحد ، وأثبتنا عدم دلالة شيء منها على الاستحالة ، كما ناقشنا فيما ذكر في وجه الثاني وبيّنا خطأه وأ نّه لا واقع موضوعي له.
السابعة : أنّنا لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ أخذ قصد الأمر في متعلقه لا يمكن بالأمر الأوّل ، إلاّ أنّه لا مانع من أخذه فيه بالأمر الثاني ، كما اختاره شيخنا الاستاذ قدسسره (١) ، كما أنّه لا مانع من أخذ ما يلازمه ولا ينفك
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٧٣.