الضدّ العام
وأمّا الكلام في المقام الثاني وهو الضدّ العام ، فقد اختلفت كلماتهم في كيفية دلالة الأمر بالشيء على النهي عنه بعد الفراغ عن أصل الدلالة إلى ثلاثة أقوال :
الأوّل : أنّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العام ، فالأمر بالصلاة مثلاً عين النهي عن تركها ، فقولنا : صلّ ، عين قولنا : لا تترك الصلاة.
الثاني : أنّ الأمر بالشيء يدل على النهي عنه بالتضمن ، بدعوى أنّه مركب من طلب الفعل والمنع من الترك ، فالمنع من الترك مأخوذ في مفهوم الأمر ، فيكون دالاً عليه بالتضمن.
الثالث : أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عنه بالدلالة الالتزامية باللزوم البيّن بالمعنى الأخص ، أو البيّن بالمعنى الأعم.
أمّا القول الأوّل : فان اريد من العينية في مقام الاثبات والدلالة ـ أعني بها أنّ الأمر بشيء والنهي عن تركه يدلاّن على معنى واحد ، وإنّما الاختلاف بينهما في التعبير فقط ـ فهذا ممّا لا إشكال فيه ، إذ من الواضح أنّه لا مانع من إبراز معنى واحد بعبارات متعددة وألفاظ مختلفة ، فيبرزه تارةً بلفظ واخرى بلفظ آخر وهكذا ، مثلاً يمكن إبراز كون الصلاة على ذمة المكلف مرّة بكلمة صلّ ، ومرّة اخرى بكلمة : لاتترك الصلاة ، بأن يكون المقصود من كلتا الكلمتين إبراز وجوبها وثبوتها في ذمة المكلف ، لا أنّ المقصود من الكلمة الاولى إبراز وجوب فعلها ومن الكلمة الثانية إبراز حرمة تركها لئلاّ تكون إحدى الكلمتين عين الاخرى في الدلالة والكشف.