ونظير ذلك ما ذكرناه من أنّه إذا ورد عام مجموعي كقولنا : أكرم عشرة من العلماء ، ثمّ ورد دليل خاص كقولنا : لا تكرم أربعة منهم ، فلا شبهة في تخصيص الدليل الأوّل بالثاني بالاضافة إلى هؤلاء الأربعة ، ورفع اليد عن ظهوره بالاضافة إلى وجوب إكرام المجموع ، ولكنّه مع ذلك لا ترفع اليد عن وجوب إكرام الباقي ، مع أنّ الدلالة التضمنية كالدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية في مقام الثبوت والاثبات.
والسر فيه : أنّ ظهور اللفظ في معناه المطابقي كما يغاير ظهوره في معناه الالتزامي ، كذلك يغاير ظهوره في معناه التضمني ، وكل واحد من هذه الظواهر قد ثبت اعتبارها بمقتضى أدلة الحجية ، وعندئذ فإذا سقط ظهور اللّفظ في معناه المطابقي عن الحجية من جهة وجود مانع يختص به ، لا يلزم منه سقوط ظهوره عن الحجية بالاضافة إلى مدلوله الالتزامي أو التضمني ، لعدم مانع بالقياس إليه ، إذن كان رفع اليد عنه عند سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية بلا موجب ، وهو غير جائز.
وعلى الجملة : بعد ما فرضنا أنّ كلاً من تلك الظواهر حجة في نفسه ، فرفع اليد عن كل واحد منها منوط بقيام حجة أقوى على خلافه ، ولذلك كان الساقط في المثال المزبور خصوص الدلالة المطابقية من جهة قيام حجة أقوى على خلافها ، دون الدلالة التضمنية.
وبعد ذلك نقول : بما أنّ الأمر في المقام قد تعلّق بفعل غير مقيد بحصة خاصة ـ وهي الحصة المقدورة ـ فهو كما يدل على وجوبه مطلقاً كذلك يدل على كونه ذا ملاك كذلك ، بناءً على تبعية الأحكام لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد الواقعيتين ، غاية الأمر أنّ دلالته على وجوبه دلالة بالمطابقة ، وعلى كونه ذا ملاك دلالة بالالتزام ، وهذه الدلالة بناءً على مسلك العدلية لازمة لدلالة كل