الثالث : أنّ التقييد الناشئ من قبل حكم العقل باعتبار القدرة في متعلق التكليف أو باقتضاء نفس التكليف ذلك الاعتبار ، حيث إنّه كان في مرتبة متأخرة عن وجدان المتعلق للملاك ، فلا يوجب تقييد المتعلق في مرتبة وجدانه الملاك ، إذن من عدم تقييد المتعلق في تلك المرتبة إثباتاً يستكشف منه إطلاقه ثبوتاً ، وعدم دخل القدرة في الملاك واقعاً.
الرابع : أنّ المتكلم لا يمكن أن يعتمد في تقييد متعلق حكمه بالقدرة باقتضاء نفس التكليف ذلك ، أو حكم العقل باعتبارها فيه ، فلا يكون المقام داخلاً في كبرى احتفاف الكلام بما يصلح لكونه قرينة على الخلاف.
الخامس : أنّ لزوم نقض الغرض من عدم البيان ليس من إحدى المقدمات التي يتوقف التمسك بالاطلاق عليها.
ولنأخذ بدرس هذه الخطوط :
أمّا الخط الأوّل : فهو في غاية الصحة والمتانة.
وأمّا الخط الثاني : فالأمر وإن كان كما أفاده قدسسره بالاضافة إلى الملاك ، إذ أنّه ينتفي بانتفاء القدرة على الفرض فلا يمكن تصحيح العبادة عندئذ بوجدانها الملاك ، إلاّ أنّ الأمر ليس كما أفاده بالاضافة إلى الترتب ، إذ لا مانع من الالتزام به في أمثال المقام ، وسنتعرض فيما بعد إن شاء الله تعالى أنّه لا فرق في صحة الترتب بين كون القدرة مأخوذة في متعلق التكليف شرعاً وكونها معتبرة فيه عقلاً ، إذ كما يجري الترتب على الثاني كذلك يجري على الأوّل ، فلو كانت وظيفة المكلف التيمم في موردٍ كما في موارد ضيق الوقت أو نحوه ، ولكن خالف أمر التيمم وعصاه فتوضأ أو اغتسل ، فلا مانع من الحكم بصحة الوضوء أو الغسل من جهة الترتب ، وسيأتي الكلام في ذلك بصورة مفصّلة.