وعلى ضوء هذه النتائج تترتب نتيجة حتمية ، وهي إمكان الترتب ، وأ نّه لا مناص من الالتزام به ، بل نقول : إنّ من انضمام تلك النتائج بعضها مع بعضها الآخر وملاحظة المجموع بصورة موضوعية يستنتج أنّ مسألة إمكان الترتب من الواضحات الأوّلية ، وأ نّها غير قابلة للانكار ، بحيث إنّ تصوّرها ـ بعد ملاحظة ما ذكرناه ـ يلازم تصديقها كما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ ما ذكرناه من إمكان تعلّق الأمر بالضدّين على نحو الترتب وعدم لزوم طلب الجمع بينهما فيما إذا كان خطاب المهم مشروطاً بعصيان خطاب الأهم وترك متعلقه ، إنّما هو من جهة أنّ هذا التقييد هادم لموضوع طلب الجمع ومناقض له ، لا من جهة أنّ العصيان أمر اختياري وتعليق طلب الجمع على أمر اختياري لا مانع منه ، بداهة أنّ طلب الجمع محال مطلقاً ولو كان معلّقاً على أمر يمكن رفعه ، وعدم إيجاده في الخارج ، فلا فرق في استحالة طلب إيجاد الضدّين معاً أو النقيضين بين أن يكون مطلقاً ، وأن يكون معلّقاً على أمر اختياري ، كأن يقول الآمر إذا صعدت السطح مثلاً ، فاجمع بين الضدّين أو النقيضين ، أو إذا سافرت فاجمع بينهما إلى غير ذلك ، فانّ استحالة طلب المحال وقبحه ـ ولو مشروطاً بشرط يكون وجوده وعدمه تحت اختيار المكلف ـ من الضروريات الأوّلية.
وأمّا ما نسب إلى السيد العلاّمة الميرزا الكبير الشيرازي قدسسره من أنّه اعترف بأنّ الترتب وإن استلزم طلب الجمع ، إلاّ أنّه لا محذور فيه بعد ما كان عصيان الأهم الذي هو مأخوذ في موضوع المهم تحت اختيار المكلف ، لتمكنه من الفرار عن هذا المحذور بترك العصيان والاتيان بالأهم ، فلا يخلو ما في هذه النسبة ، ضرورة أنّ صدور مثل هذا الكلام عنه قدسسره في غاية البعد ، فانّه من عمدة مؤسسي الترتب في الجملة ، فكيف يعترف بهذا المحذور.