ومن ناحية اخرى : أنّ زمان فعلية الأمر بالأهم وزمان امتثاله وزمان عصيانه واحد ، كما أنّ زمان فعليته وزمان فعلية الأمر بالمهم واحد ، وليس الأمر بالأهم ساقطاً في زمان فعلية الأمر بالمهم ، بأن حدث الأمر بالمهم بعد سقوط الأمر بالأهم ، فان ذلك خارج عن محلّ الكلام في المقام ، ولا اشكال في جوازه. وما هو محلّ الكلام هو ما إذا كان كلا الأمرين فعلياً كما تقدّم.
ونتيجة الجهة الثالثة هي : أنّ انحفاظ الأمر بالأهم في زمان الأمر بالمهم ـ وهو زمان عصيان الأمر بالأهم ـ بالاطلاق على وجهة نظرنا ، ومن جهة اقتضاء الأمر لهدم هذا التقدير على وجهة نظر شيخنا الاستاذ قدسسره وعلى كل منهما لا يلزم من انحفاظه في ذلك الزمان طلب الجمع بين الضدّين ، فانّ ملاك طلب الجمع إنّما هو إطلاق الخطابين وكون كل منهما في عرض الآخر ، لا ترتب أحدهما على عصيان الآخر ، فانّه يناقض طلب الجمع وينافيه ، كما تقدّم بشكل واضح.
ونتيجة الجهة الرابعة هي : أنّ خطاب المهم ـ بما أنّه مشروط بعصيان خطاب الأهم وترك متعلقه ـ لا نظر له إلى عصيانه رفعاً ووضعاً ، لما عرفت من أنّ الحكم يستحيل أن يقتضي وجود موضوعه أو عدمه ، وخطاب الأهم بما أنّه محفوظ في هذا الحال فهو يقتضي هدم عصيانه ورفعه ، باعتبار اقتضائه إيجاد متعلقه في الخارج ، ومن الواضح أنّ الجمع بين ما لا اقتضاء فيه وما فيه الاقتضاء لا يستلزم طلب الجمع ، بل هو في طرف النقيض مع طلب الجمع ، ولذا لو تمكن المكلف من الاتيان بهما في الخارج فلا يقعان على صفة المطلوبية ، بل الواقع على هذه الصفة خصوص الأهم دون المهم ، والمفروض أنّ المكلف قادر على الاتيان بالمهم في ظرف ترك الأهم ، فإذا كان قادراً فلا مانع من تعلّق التكليف به على هذا التقدير ، فانّ المانع عن طلب الجمع هو عدم القدرة ، وحيث لم يكن المطلوب هو الجمع فلا مانع أصلاً.