بتعدد العقاب في صورة مخالفة الأمرين ، ولا يكون ذلك من العقاب على غير المقدور.
فما أفاده قدسسره من أنّ القائل بالترتب لا يمكن أن يلتزم بما هو لازم له ـ وهو تعدد العقاب ـ لا يرجع إلى معنىً معقول أصلاً ، ومنشؤه غفلته قدسسره عن تصور حقيقة الترتب وما هو أساس إمكانه وجوازه ، وإلاّ لم يقع في هذا الاشتباه ، فان تعدّد العقاب فيما نحن فيه نظير تعدّده في الواجبات الكفائية ، فان صدور واجب واحد من جميع المكلفين وإن كان مستحيلاً ، إلاّ أنّ تركه عند ترك الباقين مقدور له فلا مانع من العقاب عليه.
بل يمكن أن يقال : إنّ تعدد العقاب في صورة مخالفة المكلف وتركه الواجب الأهم والمهم معاً من المرتكزات في الأذهان ، مثلاً إذا فرض وقوع المزاحمة بين صلاة الفريضة في آخر الوقت وصلاة الآيات ، بحيث لو اشتغل المكلف بصلاة الآيات لفاتته فريضة الوقت ، فعندئذ لو عصى المكلف الأمر بالصلاة ولم يأت بها فلا محالة يدور أمره بين أن يأتي بصلاة الآيات وأن يتركها ، ومن الواضح جداً أنّه إذا تركها في هذا الحال فتشهد المرتكزات العرفية على أنّه يستحقّ العقوبة عليه أيضاً ، فانّ المانع بنظرهم عن الاتيان بها هو الاتيان بفريضة الوقت. وأمّا إذا ترك الفريضة فلا يجوز له أن يشتغل بفعل آخر ويترك الآيات ، وبذلك نستكشف إمكان الترتب وإلاّ لم يكن هذا المعنى مرتكزاً في أذهانهم.
الثالث : أنّ القول بالترتب بما أنّه يبتني على فعلية كلا الأمرين في زمان واحد ـ أعني بهما الأمر بالأهم والأمر بالمهم ـ فلا محالة يستلزم طلب الجمع والمحال ، ضرورة أنّه لا معنى لكون الأمرين فعليين في زمان واحد إلاّ اقتضاءهما إيجاد متعلقيهما في ذلك الزمان ، وهذا معنى طلب الجمع والتكليف بالمحال ، ومن الظاهر أنّ مثل هذا التكليف لا يمكن جعله.