حال فعل المهم.
والأصل في هذا هو أنّ ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر أو ترجيح فعل المهم في المقام على فعل الأهم باختيار المكلف وإرادته ، فلا يعقل أن يكون ذلك موجباً لامتناع الطرف الآخر ، وإلاّ لم يكن الشيء من الأوّل مقدوراً ، وهذا خلف.
ونتيجة ذلك : هي أنّ الأمر بالأهم ثابت حال عصيانه وحال الاتيان بالمهم ، غاية الأمر ثبوته في هذا الحال على وجهة نظرنا بالاطلاق ، حيث قد ذكرنا غير مرّة أنّ الاهمال في الواقع غير معقول ، فمتعلق الحكم في الواقع إمّا هو ملحوظ على وجه الاطلاق بالاضافة إلى جميع الخصوصيات حتّى الخصوصيات الثانوية ، وإمّا هو ملحوظ على وجه التقييد بشيء منها ولا ثالث لهما. وعليه فإذا استحال أحدهما وجب الآخر ، وحيث إنّ في المقام التقييد بالوجود والعدم محال ، فالاطلاق واجب ، وعلى وجهة نظر شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من جهة انحفاظ المؤثر في ظرف تأثيره واقتضائه هدم عصيانه.
وعلى هذا فالأمر بالأهم لا يسقط في ظرف عصيانه ، فإذن يجتمع الأمران في زمان واحد ـ وهو زمان عصيان الأهم ـ أمّا الأمر بالمهم فلتحقق شرطه ، وأمّا الأمر بالأهم فلعدم سقوطه بالعصيان.
نعم ، لو كان الواجب الأهم آنياً لسقط الأمر به بالعصيان في الآن الأوّل ، ولكن لا من ناحية أنّ العصيان مسقط له ، بل من ناحية عدم تمكن المكلف من امتثاله والاتيان بمتعلقه خارجاً في الآن الثاني ، لانتفائه بانتفاء موضوعه في ذلك الآن ، وبعده لا يبقى مجال وموضوع للامتثال ، وقد تقدّم ذلك سابقاً بشكل
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٧٢.