واضح ، وقلنا هناك إنّ هذا الفرض خارج عن محل الكلام ، فانّ ما كان محلاً للكلام هنا هو ما لا يمكن إثبات الأمر بالمهم إلاّبناءً على القول بالترتب ، ومع الإغماض عنه يستحيل إثبات الأمر به ، وفي هذا الفرض لا مانع من ذلك ، فانّ المانع منه هو فعلية الأمر بالأهم ، وبعد سقوطه عن الفعلية لا مانع من فعلية الأمر بالمهم أصلاً ، وحيث إنّ المفروض هنا سقوط الأمر بالأهم في الآن الثاني بسقوط موضوعه ـ وهو القدرة ـ فلا محذور في تعلق الأمر بالمهم في ذلك الآن أصلاً.
نعم ، إذا كان الواجب المهم أيضاً آنياً ، فيدخل في محل النزاع ولا يمكن إثبات الأمر به عندئذ إلاّبناءً على القول بالترتب كما سبق.
ومن هذا القبيل ما إذا كان الواجب الأهم مضيّقاً على نحو لو عصاه المكلف في جزء من وقته لفاته ، ولا يتمكن بعده من الاتيان به وامتثاله لسقوطه بسقوط موضوعه ، ضرورة أنّه بعد مضي مقدار من الزمان الذي لا يتمكن المكلف بعده من الاتيان به يسقط أمره ، لأجل امتناع تحصيل ملاكه وغرضه ، لا لأجل مجرد عدم الفعل في الآن الأوّل وعصيانه فيه ، ومثال ذلك هو ما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الصوم مثلاً ووجوب واجب آخر ، فإذا ترك الصوم في جزء من الزمان فهو لا يتمكن من امتثال أمره بعد ذلك فيسقط وجوبه لا محالة.
ولعلّ المنكر للترتب تخيّل أوّلاً أنّ محل النزاع خصوص هذا الفرض ، وتخيّل ثانياً أنّ سقوط الأمر فيه مستند إلى العصيان في الآن الأوّل لا إلى شيء آخر ، وثالثاً أنّ الأمر غير ثابت في حال العصيان ، فها هنا دعاوى ثلاث :
الاولى : أنّ محل البحث في مسألة الترتب إنّما هو في أمثال هذا الفرض.
الثانية : أنّ سقوط الأمر فيه مستند إلى عدم الفعل في الآن الأوّل وعصيان