فيه. أمّا على الفرض الأوّل فيدور الحكم بصحة الاتيان بالمهم وامتثال خطابه مدار القول بامكان الترتب ، كما أنّ الحكم بفساده يدور مدار القول بامتناعه كما سبق. وأمّا على الفرض الثاني وهو ما إذا كان المكلف عالماً بخطاب الأهم بعد الشروع فيه ، فان كان الواجب المهم ممّا لا يحرم قطعه فحكمه حكم الفرض الأوّل بلا كلام. وأمّا إن كان ممّا يحرم قطعه كما إذا دخل في المسجد وشرع في الصلاة ثمّ علم بتنجسه ، فعندئذ لا يتوقف بقاء الأمر بالمهم ـ وهو الصلاة في مفروض المثال ـ على القول بالترتب ، فيمكن الحكم بصحتها من دون الالتزام به أصلاً.
والوجه في ذلك : هو أنّ إزالة النجاسة عن المسجد وإن كانت أهم من الصلاة باعتبار أنّها فورية دون الصلاة ، إلاّ أنّ المكلف إذا شرع فيها وحرم عليه قطعها على الفرض لم يكن عندئذ موجب لتقديم الأمر بالازالة على الأمر بالصلاة ، وعليه فلا يتحقق عصيان لخطابها ليكون الأمر باتمامها متوقفاً على جواز الترتب.
وسرّ ذلك : هو أنّ الدليل على وجوب الازالة إنّما هو الاجماع ، وليس دليلاً لفظياً ليكون له إطلاق أو عموم يشمل هذه الصورة أيضاً. وعلى هذا فلا بدّ من الاقتصار على المقدار المتيقن منه ، والمقدار المتيقن منه غير تلك الصورة فلا يشملها. إذن يبقى الأمر بالاتمام بلا مزاحم. وعلى الجملة فالاجماع بما أنّه دليل لبّي فالقدر المتيقن منه غير هذا الفرض فلا يشمل ذلك.
نعم ، إذا كان هناك واجب آخر أهم من إتمام الصلاة كحفظ النفس المحترمة أو ما شاكله ، توقف الأمر باتمام الصلاة عندئذ على القول بالترتب أيضاً ، ضرورة أنّ الأمر بالاتمام من جهة مزاحمته بالأهم قد سقط يقيناً ، فثبوته له حينئذ لا محالة يتوقف على عصيان الأمر بالأهم وعدم الاتيان بمتعلقه خارجاً.
وغير خفي أنّ ما أفاده قدسسره إنّما يتم لو كان مدرك حرمة قطع