وأمّا الثاني : فلأنّ بطلان الوضوء أو الغسل على هذا يبتني على اعتبار القدرة الفعلية على مجموع العمل المركب من أجزاء تدريجية كالصلاة والصوم والوضوء والغسل وما شاكلها من الابتداء وقبل الشروع فيه ، ولم نكتف بالقدرة التدريجية على شكل تدريجية أجزائه بأن تتجدد القدرة عند كل جزء منها ، ويكون تجددها عند الأجزاء اللاّحقة شرطاً لوجوب الأجزاء السابقة على نحو الشرط المتأخر. وعلى هذا فلا يمكن تصحيح الوضوء أو الغسل بأخذ الماء منها غرفة غرفة ، ضرورة أنّ المكلف قبل الشروع في التوضؤ أو الاغتسال لم يكن واجداً للماء بمقدار يكفي لوضوئه أو غسله ، فوقتئذ لو عصى وأخذ الماء منها غرفة غرفة وتوضأ أو اغتسل به فيكون وضوءه أو غسله باطلاً ، لعدم ثبوت مشروعيته.
وهذه النظرية وإن قوّيناها سابقاً ، ولكنّها نظرية خاطئة ، بيان ذلك : أنّه لا مجال لتلك النظرية بناءً على ما حققناه من إمكان الشرط المتأخر وأ نّه لا مناص من الالتزام به في الواجبات المركبة من الأجزاء الطولية ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : قد حققنا ضرورة إمكان الترتب وأ نّه لا مناص من التصديق به. ومن ناحية ثالثة : قد ذكرنا غير مرّة أنّ القدرة التي هي شرط للتكليف إنّما هي القدرة في ظرف العمل والامتثال ، ومن الواضح أنّ العقل لا يحكم بأزيد من اعتبار القدرة عند الاتيان بكل جزء ولا دليل على اعتبارها من الابتداء.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي : هي صحة الوضوء أو الغسل بالماء المأخوذ منها بالاغتراف ، فانّ القدرة تتجدّد عند كل جزء من أجزائه بالعصيان وبارتكاب المحرّم ، حيث إنّ المكلف بعد ارتكابه واغترافه الماء من الأواني المغصوبة أو الذهب والفضة يقدر على الوضوء مثلاً بمقدار غسل الوجه ، وبما