دون البراءة ، وقد قرّب ذلك بوجهين :
الأوّل : أنّ الشك في وجوب الاعادة فيما إذا ارتفع العذر في الوقت نشأ من الشك في القدرة على استيفاء المصلحة الباقية من العمل الاختياري ، وهذا وإن كان شكاً في أصل التكليف ، ومقتضى الأصل فيه البراءة ، إلاّ أنّه لما كان ناشئاً من الشك في القدرة فالمرجع فيه هو قاعدة الاشتغال ، لما تقرر في محلّه (١) من أنّ الشك في التكليف إذا كان ناشئاً عن الشك في القدرة على الامتثال فهو مورد لحكم العقل بالاشتغال دون البراءة كما لا يخفى.
الثاني : أنّ المقام داخل في كبرى مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، ببيان أنّا نعلم إجمالاً بأنّ الجامع بين الفعل الاضطراري والاختياري مشتمل على مقدار من المصلحة ، ولكنّا نشك في أنّ المقدار الباقي من المصلحة الملزمة أيضاً قائم بالجامع لتكون نتيجته التخيير بين الاتيان بالفعل الاضطراري والاتيان بالفعل الاختياري ، ولازم ذلك هو إجزاء الاتيان بالفعل الاضطراري عن الواقع ، لأنّ المكلف مع الاتيان به قد امتثل الواجب في ضمن أحد فرديه ـ وهو الاضطراري ـ أو أنّه قائم بخصوص الفرد الاختياري ، لتكون نتيجته التعيين ، ولازمه عدم إجزائه عنه ، لفرض أنّه غير وافٍ بتمام مصلحته ، فلا بدّ عندئذ من الاتيان به ثانياً ، وحيث إنّنا لا نحرز هذا ولا ذاك بالخصوص ، فبطبيعة الحال نشك في أنّ التكليف في المقام هل تعلق بالجامع أو بخصوص الفرد الاختياري ، وهذا معنى دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، والمرجع فيه التعيين بقاعدة الاشتغال.
ولنأخذ بالنقد على كلا الوجهين :
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٤٦٥.