أصلاً ، فكما أنّه لا حكم في موارد القطع المخالف للواقع لا واقعاً ولا ظاهراً ، فكذلك لا حكم في موارد الأمارات المخالفة له. ومن هنا تتصف الأمارات بالصدق مرّة وبالكذب مرّة اخرى.
فالنتيجة في نهاية المطاف هي أنّ في مقام الثبوت وإن كان لا فرق بين الأمارات والاصول ، حيث إنّ كلتيهما وظائف مجعولة للجاهل بالواقع دون العالم به ، إلاّ أنّهما تفترقان في مرحلة الاثبات في نقطة واحدة ، وهي أنّ الشك قد اخذ في موضوع الاصول في لسان أدلتها ، ومن هنا يكون الحكم المجعول في مواردها في قبال الواقع من دون نظره إليه. وهذا بخلاف الأمارات ، فانّ الشك لم يؤخذ في موضوعها في لسان أدلتها ، وأنّ لسانها كما عرفت لسان إثبات الواقع والنظر إليه. وعلى ضوء ذلك لا مناص من القول بعدم الإجزاء في موارد الأمارات عند كشف الخلاف ، لما عرفت من عدم الحكم في موارد مخالفتها للواقع لا واقعاً ولا ظاهراً ، ومعه كيف يتصور الإجزاء فيها ، ومن هنا اتفقت كلماتهم على عدم الإجزاء في موارد القطع بالخلاف.
وغير خفي أنّ ما أفاده قدسسره خاطئ نقضاً وحلاً.
أمّا الأوّل : فلأنّ الالتزام بما أفاده قدسسره ممّا لا يمكن في غير باب الصلاة من أبواب الواجبات كالعبادات والمعاملات ، ومن هنا لو توضأ بماء قد حكم بطهارته من جهة قاعدة الطهارة أو استصحابها ثمّ انكشف نجاسته لم يلتزم أحد من الفقهاء والمجتهدين حتّى هو قدسسره بالإجزاء فيه وعدم وجوب إعادته ، وكذا لو غسل ثوبه أو بدنه في هذا الماء ثمّ انكشف نجاسته لم يحكم أحد بطهارته ، وهكذا ، مع أنّ لازم ما أفاده قدسسره هو الحكم بصحة الوضوء في المثال الأوّل ، وبطهارة الثوب أو البدن في المثال الثاني ، لفرض أنّ الشرط أعم من الطهارة الظاهرية والواقعية ، والمفروض وجود