الطهارة الظاهرية هنا ، ومن الطبيعي أنّ العمل إذا كان واجداً للشرط في ظرفه حكم بصحته ، ولا يتصور فيه كشف الخلاف كما عرفت ، وارتفاعه إنّما هو بارتفاع موضوعه. ومن هذا القبيل ما إذا افترضنا أنّ زيداً كان يملك داراً مثلاً ثمّ حصل لنا الشك في بقاء ملكيته فأخذنا باستصحاب بقائها ثمّ اشتريناها منه وبعد ذلك انكشف الخلاف وبان أنّ زيداً لم يكن مالكاً لها ، فمقتضى ما أفاده قدسسره هو الحكم بصحة هذا الشراء ، لفرض أنّ الاستصحاب حاكم على الدليل الواقعي وأفاد التوسعة في الشرط وجعله أعم من الملكية الواقعية والظاهرية ، مع أنّه لن يلتزم ولا يلتزم بذلك أحد حتّى هو قدسسره فالنتيجة : أنّ ما أفاده قدسسره منقوض في غير باب الصلاة من أبواب العبادات والمعاملات.
وأمّا الثاني : ـ وهو جوابه حلاً ـ فلأنّ قاعدتي الطهارة والحلية وإن كانتا تفيدان جعل الحكم الظاهري في مورد الشك بالواقع والجهل به من دون نظر إليه ، إلاّ أنّ ذلك مع المحافظة على الواقع بدون أن يوجب جعله في موردهما انقلابه وتبديله أصلاً ، والسبب في ذلك ما حققناه في مورده (١) من أنّه لا تنافي ولا تضاد بين الأحكام في أنفسها ، ضرورة أنّ المضادة إنّما تكون بين الأمور التكوينية الموجودة في الخارج ، وأمّا الامور الاعتبارية التي لا واقع موضوعي لها ما عدا اعتبار المعتبر فلا تعقل المضادة والمنافاة بينها أصلاً ، وبما أنّ الأحكام الشرعية امور اعتبارية ولا واقع موضوعي لها في الخارج ما عدا اعتبار الشارع إيّاها في عالم الاعتبار ، فلا تعقل المنافاة والمضادة بينها في أنفسها أصلاً ، بداهة أنّه لا تنافي بين اعتبار الوجوب في نفسه لفعل واعتبار الحرمة كذلك له ، وإنّما المضادّة والمنافاة بينها من إحدى ناحيتين : الاولى : بحسب المبدأ يعني المصلحة
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ١٢٦.