فصل
[ تأييد القول بالتوالي بين العمرتين ]
فان قلت : لعل معنى « لكل شهر عمرة » أن المعتمر إذا فرغ من عمرته ومر عليه شهر عددي أو هلالي ، فله أن يعتمر بعمرة أخرى ، فزمان تلك العمرة لا بد وأن يكون خارجاً عن ذلك الشهر ، لانه قبل تمامه لا يكون شهراً حتى يكون له أي : لأجله عمرة ، والمستفاد من قوله « لكل شهر عمرة » هذا ، كما أن المستفاد من قوله « لكل عشرة أيام عمرة » مثل ذلك.
يعني : انه إذا فرغ من عمرته ومرت عليه عشرة أيام ، فله أن يعتمر بعمرة أخرى ، فزمان تلك العمرة أيضاً لا بد وأن يكون خارجاً عن تلك الأيام ، لأن العشرة قبل تمامها ليست بعشرة لتكون لها عمرة.
والظاهر أن مراد من قال بأن الفصل بين العمرتين لا بد وأن يكون بشهر أو عشرة أيام ، واستدل عليه بهذه الاخبار هذا ، فلا يرد عليه أن المفهوم منها تأكد إيقاع العمرة في كل شهر ، وذلك يتحقق بأن يأتي المعتمر في آخر شهر بعمرة ويتبعها بأخرى في أول شهر يليه من غير أن يكون بينهما فصل ، فضلا عن أن يكون بينهما شهر.
ويدل عليه ما ورد في بعض الاخبار من لفظة « في » حيث قال : في كل شهر عمرة (١) فإنه يفيد أن تلك العمرة إذا وقعت في طرف الشهر في أي جزء من أجزائه لا على التعيين ، بأن تقع في العشر الأول والأخر أو الوسط في أول كل منه أو آخره أو وسطه كانت مجزية ، إذ الظاهر أنه جعل كلمة « في » تعليلية ، بقرينة ما في خبر
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٤٣٤ ، ح ١٥٣.