فان قلت : لعله رحمهالله أراد بأحمد هذا ابن عيسى الأشعري لقرائن عنت له لا ابن خالد البرقي.
قلت : قد عرفت أنه لا قرينة هنا معتبرة ، وعلى تقديرها نقول : ابن عيسى وان كان في المشهور ثقة ، الا أنه يظهر مع التتبع التام خلافه.
روى في الكافي في باب الإشارة والنص على أبي الحسن عليهالسلام عن الحسين ابن محمد ، عن الخيراني ، عن أبيه أنه كان يلزم باب أبي جعفر عليهالسلام للخدمة التي كان وكل بها ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيء في السحر في كل ليلة ليعرف علة أبي جعفر عليهالسلام ، وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليهالسلام وبين أبي ، إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي.
فخرجت ذات ليلة وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول ، واستدار أحمد فوقف يسمع الكلام ، فقال الرسول لابي : ان مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك : اني ماض والأمر صائر الى ابني علي وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي.
ثم مضى الرسول ورجع أحمد الى موضعه ، وقال لابي : ما الذي قد قال لك؟ قال خيراً ، قال : قد سمعت ما قال فلم تكتمه؟! وأعاد ما سمع ، فقال له أبي : قد حرم الله عليك ما فعلت ، لان الله تعالى يقول ( وَلا تَجَسَّسُوا ) (١) فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج اليها يوماً ، واياك أن تظهرها الى وقتها.
فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع وختمها ودفعها الى عشرة من وجوه العصابة ، وقال : ان حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها ، فلما مضى أبو جعفر عليهالسلام ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة انسان ، واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن
__________________
(١) سورة الحجرات : ١٢.