فيه الظهور مع خفائه على مثله على غزارة علمه وثقوب فهمه ، فكيف ظنك بالغير؟! نعم الجواد قد يكبو والصارم قد ينبو ، وحبك للشيء يعمي ويصم.
ولكن (١) هذه العلاوة والتأييد وان كان يخرج الخبر عن التقييد ، الا أنه يفسده ويسقطه عن درجة الاعتبار عند أولي الألباب والابصار ، فان الروايات الخاصية مع كثرتها الغير المحصورة صحيحة المناطيق متفقة الدلالات على اعتبار العدالة في الامام مطلقا.
فاذا كان هذا الخبر بهذا الطريق منافياً لها ومناقضاً ، فهو غير معمول به عند الاصحاب وغير مقبول عندهم ، لتصادمه كثيراً من الاخبار الصحيحة المقبولة مع اتفاق كلمتهم على وجوب كون الامام عادلا مطلقا ، امام جماعة أو جمعة ، كما هو صريح الاخبار ، وسنتلو عليك طرفاً منها في رسالة مفردة معمولة فيه إن شاء الله.
والمستدل رام بذلك اصلاح ما ظن فساده « وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر » (٢) مع أن هذه الرواية العامية الواردة في طريق العامة مناقضة لما رووه بطريق جابر عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لا تؤمن امرأة رجلا ، ولا فاجراً مؤمناً ، الا أن يقهره سلطان ، أو يخاف سيفه أو سوطه.
فلا يمكنهم أيضاً أن يعمموا في الامام ، بل لا بد لهم أن يعتبروا فيه العدالة مطلقا ، كما عليه اجماع الاصحاب هنا وفي الجماعة المطلقة ، لظاهر قوله تعالى ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٣).
__________________
(١) هذا استثناء واستدراك من قوله « فهو كذلك » « منه ».
(٢) مصراع من أبيات الثعالبي من قصيدة يهجو بها عجوزاً تزوجها لما رآها محلاة ثم انكشف سوآتها بعد التزويج ، أول القصيدة :
عجوز تمنت أن تكون نعية |
|
وقد يئس الجنان واحدودب الظهر |
تروح الى العطار ينقى شبابها |
|
وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر « منه » |
(٣) سورة هود : ١١٣.