رضاعاً حكم الاخوين أباً وأماً ، فان ذلك مع أنه غير مفهوم من الخبر غير مقصود منه كما عرفت ، بل المقصود منه بيان أن الرضاع كالنسب علة للتحريم ، ولذلك علق الحكم على محض الرضاع وأتى بـ « من » التعليلية ليشعر بأنه علته ، فحيثما تحقق تحقق ، وحيثما انتفى انتفى. فهذا دليل الخصوص لا قرينة العموم.
اللهم الا أن يدل دليل بخصوصه على التحريم حيث لا رضاع ، فحينئذ يجب اتباعه فيه واقتصاره عليه كما سيأتي ، وانما لم يذكر المحرم عليه لا ليفيد العموم بل للاحتراز عن العبث والعدول الى أقوى الدليلين ، اذ القرينة على تعيينه قائمة فكأن ذكره معها كأنه ضايع عبث.
ولذلك قال شيخ الطائفة في المبسوط أن التحريم متعلق بالرضاع وحده ومن كان من نسله دون من كان من طبقته فأشعر ، حيث قال : انه متعلق بالمرتضع (١).
ولم يقل أنه مخصص به بأن عدم ذكر المحرم عليه لتعينه لا ليفيد العموم ، وهذا كأنه واضح والمنازع كأنه مكابر.
نقل كلام لتقرير مرام
اعلم أن أصل براءة الذمة مما لم يخالف فيه أحد ، على ما صرح به الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي في العقد الطهماسبي (٢) ، قال : وفرع العلماء عليه ما لا يتناهى من المسائل ، بل مدار أكثر فروع الفقيه عليه ، وهذا هو الذي يعبر عنه العلماء بالدليل العقلي.
ثم قال بعد كلام : والحاصل انا اذا حكمنا بتحريم شيء بغير دليل شرعي
__________________
(١) المبسوط ٥ / ٢٩٢.
(٢) العقد الطهماسبى ـ مخطوط.