فالموافقة له في فتواه تقليد لا يسوغ.
مع أن المذكور في صحيحة الفضلاء عن أبي عبد الله عليهالسلام : ان سال من ذكرك شيء من مذي أو وذي ، فلا تغسله ولا تقطع له الصلاة ، ولا تنقض له الوضوء ، انما ذلك بمنزلة النخامة ، كل شيء خرج منك بعد الوضوء فانه من الحبائل (١). يفيد أن ما نزل منها لا يوجب الوضوء ، فكيف صار هنا علة له؟ فليتأمل.
ومنها : أن يكون بدون البول فقط أما مع امكانه ، وأوجبوا عليه الغسل حينئذ ، وظاهر الشرائع (٢) والنافع (٣) عدمه. أو مع عدم امكانه ، وظاهر الأكثر عدم وجوب شيء منهما حينئذ.
ومنها : أن يكون بدون الاجتهاد فقط ، والمعروف اعادة الوضوء خاصة.
والذي يظهر من التوفيق بين الأخبار عدم وجوبهما في شيء من هذه الصور بل غايته استحباب اعادة الغسل ، بحمل ما دل على الإعادة عليه ، لمعارضته مما يدل على خلافه ، وهو أقوى منه ، ستقف عليه إن شاء الله العزيز.
وأنا أذكر أولا ما دل على الأول ، وأشير الى تصحيح ما يصح منه ورد ما يرد ، ثم أتبعه بما يدل على خلافه ، وذلك في فصلين ، ثم أبين ما يقتضيه قانون العمل بالأخبار على طريقة الأصحاب ، والله الموفق للسداد والصواب ومنه المبدأ واليه المآب.
الفصل الأول
[ ما دل من الأخبار على اعادة الغسل
في التهذيب : عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ٢١ ، ح ٥٢.
(٢) شرائع الإسلام ١ / ٢٨.
(٣) المختصر النافع ص ٣٣.