اماماً محدثاً عالماً بعلوم الأولين والآخرين خبيراً بأحوال الماضين والآتين ، كيف يسوغ له أن يروي عن جابر؟ مع أنه أعلم منه بما رواه عنه ، فهذا أيضاً مما يوهن به هذا الخبر من هذا الوجه أيضاً ، لأنه يشعر بصدوره عنه عليهالسلام من باب التقية ، والا لكان الاستناد الى نفسه أو الى أحد من آبائه عليهمالسلام أولى وأليق.
فالجواب عنه : أن روايته عليهالسلام بعض الأحاديث عن جابر كان لمصلحة وتقية عن أهل المدينة.
لما روي في مجمع الرجال عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن حريز ، عن أبان بن تغلب ، قال : حدثني أبو عبد الله عليهالسلام قال : ان جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان رجلا منقطعاً إلينا أهل البيت ، وكان يقعد في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو معتم بعمامة سوداء ، وكان ينادي يا باقر العلم يا باقر العلم.
فكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر. وكان يقول : لا والله ما أهجر ولكن سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : انك ستدرك رجل من أهل بيتي اسمه اسمي ، وشمائله شمائلي ، يبقر العلم بقراً ، فذاك الذي دعاني الى ما أقول.
قال فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ هو بطريق في ذلك الطريق كتاب فيه محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام ، فلما نظر اليه قال : يا غلام أقبل فأقبل ، ثم قال : أدبر فأدبر ، فقال : شمائل رسول الله والذي نفس جابر بيده ، يا غلام ما اسمك؟ فقال : اسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، فأقبل عليه يقبل رأسه وقال : بأبي أنت وأمي رسول الله يقرئك السلام ويقول لك ويقول لك.
قال : فرجع محمد بن علي عليهماالسلام الى أبيه علي بن الحسين عليهماالسلام وهو ذعر فأخبره الخبر ، فقال له : يا بني قد فعلها جابر؟ قال : نعم. قال : يا بني ألزم بيتك