فان نفي البأس مقيد بإرادة التزويج ، ومفهوم الشرط حجة كما بين في موضعه.
وما روي أيضاً فيه عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليهالسلام قال : استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة ، وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان ، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه ، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره. فقال : والله لآتين رسول الله صلىاللهعليهوآله ولأخبرنه قال : فأتاه فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : ما هذا؟ فأخبره فهبط جبرئيل عليهالسلام بهذه الآية ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ ) (١).
وانما ذكرنا هذه الآية مع هذه الرواية من باب التأييد ، لأن الاستدلال بهذه الآية على ذلك المطلب موقوف على مقدمات يمكن أن يمنع بعضها :
الاولى أن اللام مقدر التقدير ليغضوا ، ويبعد أن يكون بتقدير غضوا يغضوا إذ المناسب الفاء مع أن حذف (٢) المقصود وذكر غير المقصود غير موجه. وأيضاً الخبر غير مناسب إذ مضمونه قد لا يقع.
الثانية : أن الأمر للوجوب.
والثالثة : أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده.
__________________
(١) فروع الكافي ٥ / ٥٢١ ، ح ٥ ، والآية في سورة النور : ٣٠.
(٢) هذا بناء على مذهب الفراء ، حيث أجاز حذفها في النثر ، كقولك قل له يفعل وفي التنزيل ( قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ) وقيل : انه جواب الأمر فيكون مجزوماً بأن المقدرة ، والتقدير قل لهم غضوا فإنك إن تقل لهم يغضوا ، والشرط لا يلزم أن يكون علة تامة للجزاء ، فتأمل تعرف « منه ».