الرابعة : أن النهي للتحريم. وهذه المقدمات بثلاثتها مقررة في الأصول.
الخامسة : أن المراد غض البصر عما يحرم ، والاقتصار به على ما يحل ، وهو انما يتمشى على تقدير كون « من » مزيدة كما جوزه الأخفش ، وهو الاولى بحسب المعنى ، إذ كونها هاهنا للتبعيض على ما ذهب اليه صاحب الكشاف ومن تبعه يفيد تحريم غض بعض البصر دون البعض لا بعض المبصر ، وهو المطلوب والمعقول كما أومأنا إليه ، فتأمل.
السادسة : ان وجه الأجنبية من المبصرات التي وجب غض البصر عنها ، ولا يجوز النظر إليها ، كما يظهر من الرواية التي وردت في سبب نزول تلك الآية وقد سبقت ، وسيجيء في كلام صاحب الكشاف في ذيل تفسيرها ما يؤيد ذلك إن شاء الله تعالى. وهذه المقدمة يمكن المناقشة فيها فتأمل.
ولنا أيضاً قوله تعالى ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها ) (١).
ففي الكافي عن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى ( إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها ) قال : الزينة الظاهر الكحل والخاتم (٢).
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله تعالى ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها ) قال : الخاتم والمسكة وهي القلب (٣).
وفي جوامع الجامع : فالظاهرة لا تجب سترها وهي الثياب الى قوله وعنهم عليهمالسلام : الكفان والأصابع (٤).
__________________
(١) سورة النور : ٣١.
(٢) فروع الكافي ٥ / ٥٢١ ، ح ٣.
(٣) فروع الكافي ٥ / ٥٢١ ، ح ٤.
(٤) جوامع الجامع ص ٣١٤ ـ ٣١٥ الطبعة الحجرية.