وأورد بعدهما هذا الحديث وما قبله (١).
أقول : ويؤيده ما في الفقيه وسئل الصادق عليهالسلام عن مجدور أصابته جنابة ، فقال : ان كان أجنب هو فليغتسل ، وان كان احتلم فليتيمم (٢).
فانه صريح في أن من تعمد الجنابة وجب عليه الغسل ، لايجاده السبب وان تضرر وخاف على نفسه.
والمتأخرون خالفوا في ذلك وأوجبوا عليه التيمم ، لعموم قوله تعالى ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٣) ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٤).
واستدل بعضهم على ذلك بأن دفع الضرر المظنون واجب عقلا ، وبأن الجماع جائز اجماعاً ، فلا يترتب على فاعله مثل هذه العقوبة.
وحمل بعضهم هذين الحديثين على ما اذا كان الضرر المتوقع يسيراً.
وقال شيخنا البهائي قدسسره : وللمنتصر للشيخين أن يقول : ان الحمل على الضرر اليسير يأباه سوق الكلام في الحديثين ، والتكليف بتحمل ضرر الغسل مع جواز الوطي غير مستبعد ، كتكليف المحرم بالكفارة عند تغطية رأسه لمرض ، على أن انعقاد الاجماع على اباحة الوطي مع العلم بعدم الماء محل كلام ، وسيما بعد دخول الوقت ، ووجوب الالقاء الى التهلكة بعد أمر الشارع غير قليل ، كوجوب تمكين القاتل ولي الدم من القود ، وتمكين المقذوف من استيفاء الحد ، والله أعلم (٥).
أقول : فرق بين الضرر المالي المقدور الممكن تحمله لدفع ضرر بدني
__________________
(١) التهذيب ١ / ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٠٧.
(٣) سورة الحج : ٧٨.
(٤) سورة البقرة : ١٩٥.
(٥) مشرق الشمسين ص ٣٤٢ ـ ٣٤٣.