الفرج يتفاوضون هذا الأمر.
فكتب محمد بن الفرج الى أبي يعلمه باجتماعهم عنده ، وأنه لو لا مخافة الشهرة لصار معهم اليه ويسأله أن يأتيه ، فركب أبي وصار اليه ، فوجد القوم مجتمعين عنده ، فقالوا لابي : ما تقول في هذا الأمر ، فقال أبي لمن عنده الرقاع : أحضروا الرقاع ، فأحضروها ، فقال لهم : هذا ما أمرت به.
فقال بعضهم : قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر ، فقال لهم : قد آتاكم الله تعالى به هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة وسأله أن يشهد بما عنده ، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئاً ، فدعاه أبي الى المباهلة ، فقال لما حقق عليه قال : قد سمعت ذلك وهذه مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم ، فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعاً (١).
أقول : هذا الخبر كما ترى قد دل على ذم ابن عيسى من وجهين : ارتكابه ما حرمه الله عليه من التجسس ، وانكاره النص على أبي الحسن الثالث عليهالسلام بعد سماعه من رسول أبيه عليهالسلام على وجه يفيده اليقين بذلك ، معللا بأن هذه مكرمة كنت أحب أن يكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم ، وهذه منه كان حسداً على خيران الخادم العجمي القراطيسي ، وما كان له من المنزلة والزلفى عند أبي جعفر الثاني رحمهالله ، وعدم رضا منه بما فعله عليهالسلام من الرسالة اليه ، وكل ذلك قادح في العدالة.
والظاهر أن عدم ذكرهم هذا في ترجمته كان ناشئاً من ذهولهم عنه ، أو من كون سنده مجهولا بولد خيران الخادم الثقة مولى الرضا عليهالسلام ، وهو المراد بالخيراني ، فخبره غير صالح لاثبات ذمه ، ولذلك لم يجعلوه دليلا عليه ، حتى
__________________
(١) اصول الكافي ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.