أكثر من أن تحصى (١).
وقد عرفت أن المراد بالصلاة في الآية هو الظهر ، فمن ادعى أن المراد بالذكر صلاة الجمعة أو خطبتها أو هما معاً فعليه الدليل ( قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ).
اللهم الا أن يقولوا انا وجدنا آبائنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون ، وقول المفسرين على تقدير اتفاقهم (٢) ليس بحجة (٣) ، اذ الادلة الشرعية منحصرة في أربعة أو خمسة ، وقد مرت اليه الاشارة ، وما عد قولهم منها ، مع أنهم أخذوا بعضهم من بعض تقليداً من غير نظر دقيق ، أو فكر عميق ، وليس في الاخبار ما يدل على المراد به الصلاة أو خطبتها أو هما معاً ، كما ادعاه القائلون بالوجوب العيني.
__________________
(١) الصافي ٥ / ١٧٥.
(٢) فان اتفاقهم ليس باجماع ، وهو اجتماع رؤساء الدين في هذه الامة في عصر على أمر فضلا عن أن يكون اجماعاً معتبراً عندهم ، وهو ما علم دخول المعصوم فيه خصوصاً على طريقة المستدل ، فانه غير قابل به مطلقا ، ولا يكون هو عنده حجة ، كما مر في مقدمة كتابه.
والغرض اما الرد عليه ، مع أن المفسرين ما استدلوا على ما ادعوه بدليل يعتمد عليه ولا استندوه الى قول من يركن النفس اليه ، بل اكتفى بعضهم بمجرد أن قال : المراد بالذكر هنا الخطبة ، وفسره الآخرون بصلاة الجمعة من غير دليل وبيان ولا حجة وبرهان « منه ».
(٣) ومن أراد أن يعرف أن قول المفسرين واتفاقهم واجماعهم ليس بحجة ، وانه لا يجوز تقليدهم ولا الاعتماد على قولهم ، فعليه بمطالعة ما ذكره المستدل قدسسره في ديباجة تفسيره الصافي ، فانه قد بين ذلك فيه بما لا مزيد عليه ، ولانى لا عجب منه أنه كيف اعتمد في هذا المقام على قولهم؟ وبنى أساس الاستدلال ومداره عليه ، مع ما قاله في هذا الكتاب ، ولعل ذلك منه قدسسره كان بعد أن وصل الى مقام التحقيق والتدقيق وكان هذا قبله « منه ».