.................................................................................................
______________________________________________________
عرفت ، ومع ذلك فقد ذهب جمع منهم الماتن إلى الجواز مع الكراهة ، نظراً إلى معارضتها بروايات اخرى دلّت على الجواز ، الموجبة لحمل النهي في الروايات المتقدّمة على الكراهة جمعاً ، وهي روايات ثلاث :
الأُولى : صحيحة سليمان بن خالد التي قيل بظهورها في نفسها في الكراهة قال «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أيقرأ الرجل في الأُولى والعصر خلف الإمام وهو لا يعلم أنّه يقرأ؟ فقال : لا ينبغي له أن يقرأ ، يكله إلى الإمام» (١).
فانّ موردها الإخفاتية ، بقرينة ذكر الاولى والعصر وكذا قوله : «وهو لا يعلم» ، إذ ليس المراد عدم العلم بأصل قراءة الإمام ، كيف وهو لا يجامع الوثوق بدينه المعتبر في صحّة الائتمام ، مع منافاته لقوله عليهالسلام : «يكله إلى الإمام» ، لظهوره في المفروغية عن قراءته ولذا أوكله إليه ، وإلّا فلا معنى للإيكال مع الشكّ في الامتثال كما هو ظاهر. فالقراءة مفروضة لا محالة ولو من أجل الحمل على الصحّة.
بل المراد عدم العلم الفعلي من طريق السماع لأجل كون الصلاة إخفاتية فإنّ البعيد عن الإمام حينئذ بمقدار مترين مثلاً لا يسمع قراءته غالباً ، فقوله : «لا يعلم» بمعنى لا يسمع.
وكيف ما كان ، فقد حكم عليهالسلام بأنّه لا ينبغي له أن يقرأ ، وهذا التعبير ظاهر في الجواز مع الكراهة.
أقول : مبنى الاستدلال على ظهور كلمة «لا ينبغي» في الكراهة ، وهو في حيّز المنع ، فانّ لفظ «ينبغي» وإن كان ظاهراً في الرجحان والاستحباب لكن كلمة «لا ينبغي» غير ظاهرة في الكراهة ، فإنّها وإن كانت كذلك في الاصطلاح الحادث بين المتأخّرين لكنّها في لسان الأخبار ظاهرة فيما هي عليه من المعنى
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٣٥٧ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٨.