.................................................................................................
______________________________________________________
الإباحة في أجزاء العبادة لا في جزء الطبيعة ولا في جزء الفرد ، وأنّها متى جازت كانت مستحبة بأمر عباديّ استقلاليّ ظرفه الواجب.
وتوضيح المقام : أنّا قد ذكرنا في الأُصول في بحث الصحيح والأعم (١) أنّ التركيب بين أجزاء الصلاة ليس تركيباً حقيقياً ، لأنّها مؤلّفة من ماهيات مختلفة ومقولات متباينة ، فبعضها من مقولة الكيف المسموع كالتكبير والقراءة ، وبعضها من مقولة الوضع كالركوع والسجود وهكذا ، ولا جامع ماهوي بين المقولات المتأصّلة بالضرورة.
وإنّما التركيب بينها اعتباري محض ، فلاحظ الشارع الطبيعة المؤلّفة من المقولات المتشتّتة واعتبرها شيئاً واحداً في عالم اللحاظ والاعتبار. فكلّ ما اعتبره في الطبيعة كان جزءاً منها مقوّماً لها وإلّا كان خارجاً عنها ، ولأجل ذلك امتنع اتّصاف الجزء بالاستحباب فضلاً عن الإباحة ، إذ مقتضى الجزئية الدخل في الطبيعة وتقوّمها بها ، ومقتضى الاستحباب جواز الترك المساوق لعدم الدخل ، فكيف يجتمعان. هذا حال الطبيعة نفسها.
وكذا الفرد ، إذ لا يتّصف شيء بكونه فرداً للطبيعة إلّا إذا أُضيف إليها ولا تكاد تتحقّق الإضافة إلّا إذا كان مصداقاً للطبيعة بانطباقها بشراشر أجزائها عليه ومطابقتها معه في كلّ ما يشتمل عليه ، فينطبق التكبير على التكبير الخارجي ، ومثله الركوع والسجود ، وهكذا إلى نهاية الأجزاء المعتبرة في الطبيعة ، فلا يزيد الفرد عليها بشيء. فكلّ ما هو جزء للفرد جزء للطبيعة وما ليس جزءاً لها لم يكن جزءاً للفرد أيضاً وإن اقترن معه خارجاً ، فجزء الفرد من الطبيعة لا يكون إلّا جزءاً لنفس الطبيعة لا محالة.
وممّا ذكرنا تعرف أنّ القراءة في المقام بعد أن لم تكن واجبة حسب الفرض فهي ليست بجزء لا للطبيعة ولا للفرد ، فلا معنى للقول بأنّها جزء مباح من الصلاة لا توجب أفضلية الفرد المشتمل عليها من الفرد الخالي عنها ، أو جزء
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ١ : ١٦١ ، ١٤٧.