١٢ ـ روى معاذ بن جبل قال : خرج علينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : «أنا محمد ، اُوتيت فواتح الكلام وخواتمه ، فأطيعوني ما دمتُ بين أظهركم. فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله عزّ وجلّ ؛ أحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه. أتتكم الموتة ... أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلمّا ذهب رسل جاءت رسل ، تناسخت النبوة فصارت ملكاً ، رحم الله مَن أخذها بحقّها وخرج منها كما دخلها. أمسك يا معاذ وأحصِ».
قال معاذ : فأحصيت خمسة ـ يعني من الخلفاء ـ ، فقال النبي (ص) : «يزيد ، لا بارك الله في يزيد». ثمّ ذرفت عيناه بالدموع ، فقال (صلّى الله عليه وآله) : «نُعي إليّ الحسين ، واُتيت بتربته ، واُخبرت بقاتله ، لا يُقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلاّ خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلّط عليهم أشرارهم ، وألبسهم شيعاً».
ثمّ قال (ص) : «وآهاً لفراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف ، يقتل خَلَفي وخَلَف الخَلَف! أمسك يا معاذ». فلمّا بلغت عشرة ـ أي عشرة أشخاص من الذين يتولّون الحكم من بعده ـ قال : «الوليد (١) اسم فرعون هادم شرايع الإسلام ، يبوء بدمه رجل من أهل بيته ، يسلّ الله سيفه فلا غماد له ، واختلف الناس
__________________
(١) الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان الملك الفاسق الذي انتهك جميع حرمات الله ، أراد الحجّ لشرب الخمر فوق ظهر الكعبة ، وهو أشدّ على هذه الاُمّة من فرعون على قومه ، كما في الحديث ، وهو الذي رشق المصحف بالسهام. وقد نقم عليه المسلمون لِما أظهره من الإلحاد والبدع والاستهتار بالفسق ، وقد ثاروا عليه وقتلوه. جاء ذلك في تاريخ الخلفاء / ٢٥٠ ـ ٢٥٢.