من دون شكّ ستظلّ تساير الركب الإنساني وهي ترفع شعار العدل ، وشعار الحق ، وشعار الكرامة ، وتضئ الطريق وتوضّح القصد أمام كل مصلح يعمل من أجل صالح الإنسان.
ـ ٢ ـ
وليس في تاريخ الإسلام مَن هو أكثر عائدة ولطفاً وفضلاً على الإسلام من الإمام الحسين (عليه السّلام) ، فهو المنقذ والمجدّد لهذا الدين العظيم الذي أجهزت عليه السياسة الاُمويّة ، وتركته جريحاً على مفترق الطرق تتحدّاه عوامل الانحلال والانهيار من الداخل والخارج ، ولم يعُد أيّ مفهوم من مفاهيمه الحيّة ماثلاً في واقع الحياة العامّة للمسلمين. قد جمدت طاقاته وأخمد نوره وانتُهكت سُننه ، ولم يبقَ منه سوى شبح خافت وظِل متهافت ؛ قد أعلنت السلطة في منتدياتها العامّة والخاصّة أنّه لا دين ولا إسلام ولا وحي ولا كتاب.
يقول يزيد بن معاوية :
لعبت هاشمُ بالمُلكِ فلا |
|
خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ |
ويقول الوليد بن يزيد :
تلعّب بالخلافةِ هاشميٌ |
|
بلا وحيٍ أتاه ولا كتابُ (١) |
وإذا استعرضنا ما أُثِرَ عنهم في هذا المجال فلا نجد إلاّ الكفر والإلحاد والمروق من الدين ، وقلّما نجِد منهم مَن يؤمن بالله واليوم الآخر أو يرجو وقاراً للإسلام. إنّه ـ من دون شكّ ـ لم يدخل أي بصيص من نور الإسلام في قلوبهم ومشاعرهم ، وإنّما ظلّت نفوسهم مترعة بروح الجاهلية ونزعاتها ، لم تتغيّر فيهم أيّ ظاهرة من ظواهر الكفر بعد إرغامهم
__________________
(١) مروج الذهب ٣ / ١٤٩