على الإسلام ، فكانوا يحملون الحقد والعداء للرسول (صلّى الله عليه وآله) ، ويكفرون بجميع ما جاء به من هدى ورحمة للناس.
رأى الإمام السّبط الغزو الجاهلي الذي اجتاح العالم الإسلامي ، وما مُنيت به العقيدة الإسلامية من أخطار هائلة ، تنذر بالردّة الرجعية والانقلاب الشامل ، وتخلّي المسلمين عن عقيدتهم ودينهم ؛ فإنّ السلطة الاُمويّة كانت جاهدة في مسيرتها ، وجادّة في سياستها على استئصال جذور هذا الدين وإزالة ركائزه وقواعده ، وقد تحذّر المسلمون بشكل فظيع نتيجة أوبئة الخوف المفزعة التي انتشرت فيهم ، وما طعمتهم به السياسة الاُمويّة من روح الخيانة والغدر ، فلا صوت يصدع بالإصلاح ، ولا طبل يدقّ للحرب ، ولا وازع ولا رادع ولا زاجر لِما كانت تصنعه الطغمة الحاكمة من المخططات الرهيبة ، الهادفة إلى استعباد المسلمين وإرغامهم على ما يكرهون.
رأى الإمام أنّه المسؤول الوحيد أمام الله ، وأمام أجيال الاُمّة إن وقف موقفاً سلبيّاً تجاه هذه الأوضاع المنكرة ، ولم يغيّر ولم يبدّل ولم يفجّر ثورته الحمراء التي تعصف بالاستبداد وتهدم صروح الظلم والطغيان ، وتقود الجماهير إلى ميادين الحقّ والعدل.
وقد أدلى الإمام (عليه السّلام) بذلك في خطابه الرائع الذي ألقاه على الحر وأصحابه من شرطة ابن زياد قائلاً : «أيّها الناس ، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : مَن رأى سلطاناً جائراً ؛ مستحلاً لحرم الله ، ناكثاً عهده ، مخالفاً لسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله. ألا إنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتولّوا عن طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله» (١).
__________________
(١) تاريخ الطبري