إنّ هذه العوامل الخطيرة هي التي حفّزت الإمام على الثورة ، والخروج على النظام القائم الذي استباح كل ما خالف كتاب الله وسنّة نبيّه.
لقد أمعنت السلطة الاُمويّة في اضطهاد الناس وإرهاقهم ، واعتبرت القطّاعات الشعبيّة بستاناً لها تتحكّم في مصائرها ومقدّراتها ، وتستنزف ثرواتها فتنفقها على ما يثير الشهوات ويفسد الأخلاق ؛ من أجل ذلك ثار الإمام لينقذ الاُمّة ، ويعيد لها كرامتها وأصالتها.
ـ ٣ ـ
وأهمّ فترة في تاريخ الإسلام السياسي هي الفترة التي عاشها الإمام الحسين (عليه السّلام) ، فقد حفلت بأحداث رهيبة تغيّرت بها مجرى الحياة الإسلامية ، وامتحن المسلمون بها امتحاناً عسيراً ، واُرهقوا إرهاقاً شديداً ، قد أخلت لهم الفتن والمصاعب ، وجرت لهم الخطوب والكوارث وألقتهم في شرٍّ عظيم ، ومن أفجع تلك الأحداث وأخلدها كارثة كربلاء التي هي أخطر كارثة في التاريخ الإنساني ، وهي لا تزال قائمة في قلوب المسلمين وعواطفهم تثير في نفوسهم الحزن واللوعة.
ولم تكن هذه الحادثة الخطيرة وليدة المصادفة أو المفاجأة وإنّما جاءت نتيجة حتميّة لتلك الأحداث المفزعة التي أخمدت الوعي الإسلامي ، وأماتت الشعور بالمسؤولية وجعلت المسلمين أشباحاً مبهمة ، وأعصاباً رخوة خالية من الحياة والإحساس. قد سادت فيهم روح التخاذل والانهزامية ، ولم تعُد فيهم أيّ روح من روح الإسلام وهَديه ، وأوضح شاهد على ذلك : أنّ ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وريحانته يُقتل في وضح النهار ، ويرفع رأسه على أطراف الرماح ويُطاف به في الأقطار والأمصار ، ومعه عائلة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سبايا قد هُتكت ستورهن وأُبديت