وهي مما توجب على الباحث التعمّق والتدقيق فيها ؛ حتّى يخلص إلى الحقّ مهما استطاع إليه سبيلاً.
ونحن لا نجد بُدّاً من عرض بعض تلك الأحداث وتحليلها ؛ لأنها من وسائل الكشف عن حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ، كما أنّها في نفس الوقت من وسائل الوقوف على الحياة الفكرية والاجتماعية في ذلك العصر ، الذي تعدّ دراسة شؤونه من البحوث المنهجية التي تكشف عن أبعاد الشخصية وتحليلها حسب الدراسات الحديثة.
إنّي أعتقد أنّه لا يمكننا أن نلمّ إلماماً واضحاً بقصة الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وما جرى فيها من الأحداث المفزعة من دون أن نكون قد درسنا الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في ذلك العصر ؛ فإنّ لها تأثيراً إيجابياً مباشراً في حدوث هذه النكبة.
إنّ التاريخ الإسلامي في حاجة لأن يتحرّر من التقديس ، ويكون كغيره من البحوث خاضعاً للنقد والتحليل ، والشكّ والرفض ، كما تخضع المادة لتجارب العلماء ؛ حتّى يستقيم ويزدهر ، ويؤتي ثمراً ممتعاً.
إنّ السلطات السياسية في تلك العصور أخذت على المؤرّخين أن يضعوا التاريخ تحت تصرّفهم فلا يكتبون إلاّ ما فيه تأييد للسلطة السياسية ، وبذلك فقد حفل التاريخ بكثير من الموضوعات التي تكلّف أصحابها على وضعها وجعلها جزءاً من تاريخ الإسلام ، وقد شوّهت واقعه ، وحادت بكثير من بحوثه عن الواقع.
إنّ الأقلام التي تناولت كتابة التاريخ الإسلامي في عصوره الاُولى لم تكن نزيهة ولا بريئة على الإطلاق ، فكانت تخيّم عليها النزعة المذهبية أو التزلّف إلى السلطة الحاكمة ، فلا بدّ إذاً أن يخضع لمجاهر الفحص وأضواء الدراسة والنقد.