٣ ـ قال (عليه السّلام) :
اغنِ عن المخلوق بالخالقِ |
|
تغن عن الكاذب والصادقِ |
واسترزق الرحمن من فضلهِ |
|
فليس غيرُ الله من رازقِ |
مَن ظنَّ أن الناس يغنونهُ |
|
فليس بالرحمن بالواثقِ |
أو ظنّ أنّ المال من كسبهِ |
|
زلّت به النعلان من حالقِ (١) |
وفي هذه الأبيات دعوة إلى الالتجاء إلى الله خالق الكون وواهب الحياة ، والاستغناء عمّن سواه ؛ فإنّ مَن ركن لغيره فقد خاب سعيه وحاد عن الصواب.
٤ ـ زار الإمام الحسين (عليه السّلام) مقابر الشهداء بالبقيع ، فانبرى يقول :
ناديت سكّان القبور فأسكتوا |
|
فأجابني عن صمتهم تربُ الحشا |
قالت أتدري ما صنعت بساكني |
|
مزّقتُ لحمَهمُ وخرّقت الكسا |
وحشوت أعينهم تراباً بعدما |
|
كانت تأذّى باليسير من القذا |
أمّا العظام فإنني مزّقتها |
|
حتّى تباينت المفاصل والشَّوى |
قطّعت ذا من ذا ومن هذا كذا |
|
فتركتها ممّا يطول بها البِلى (٢) |
وحفلت هذه الأبيات بالدعوة إلى الاعتبار والعظة بمصير الإنسان ، وأنّه حينما يودَع في بطن الأرض لم يلبث أن يتلاشى وتذهب نضارته ويعود بعد قليل كتلة من التراب المهين.
٥ ـ ونسب الأعشى هذه الأبيات للإمام الحسين (عليه السّلام) :
كلّما زيد صاحب المال مالاً |
|
زِيد في همّهِ وفي الاشتغالِ |
قد عرفناك يا منغّصة العيـ |
|
ـشِ ويا دارَ كلّ فانٍ وبالِ |
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣٢٤.
(٢) البداية والنهاية ٨ / ٢٠٨.