فأضحى دارساً قفرا |
|
لبينونة أهليهِ |
فلمّا سمع الأعرابي ذلك بهر وانطلق يقول : ما رأيت كاليوم أحسن من هذا الغلام كلاماً وأذرب لساناً ، ولا أفصح منه نطقاً!
فقال له الإمام الحسن (عليه السّلام) : «يا أعرابي ،
غلام كرّم الرحم نُ بالتطهير جدّيهِ |
|
كساه القمر القمقا م من نور سناءيهِ |
وقد أرصنت من شعري وقوّمت عروضيه»
فلمّا سمع الأعرابي قول الإمام الحسن (عليه السّلام) انبرى يقول : بارك الله عليكما ، مثلكما تجلّهما الرجال ، فجزاكما الله خيراً. وانصرف (١). ودلّت هذه البادرة على مدى ما يتمتع به الإمام (عليه السّلام) من قوة العارضة في الشعر ، ومقدرته الفائقة في الارتجال والإبداع ، إلاّ أنّ بعض فصول هذه القصة ـ فيما نحسب ـ لا يخلو من الانتحال ؛ وهو مجيء الأعرابي من بلد نائي قد تحمّل عناء السفر وشدّته من أجل اختبار الإمام ومعرفة مقدراته الأدبية.
٢ ـ نسبت له هذه الأبيات الحكمية :
إذا ما عضك الدهرُ |
|
فلا تجنح إلى الخلقِ |
ولا تسأل سوى الله |
|
تعالى قاسم الرزقِ |
فلو عشت وطوّفتَ |
|
من الغرب إلى الشرقِ |
لما صادفت من يقد |
|
رُ أن يُسعد أو يشقي (٢) |
وحثّ هذا الشعر على القناعة وإباء النفس ، وعدم الخنوع للغير ، وأهاب بالإنسان أن لا يسأل أحداً إلاّ ربّه الذي بيده مجريات الأحداث.
__________________
(١) مطالب السؤل في مناقب آل الرسول.
(٢) كشف الغمة ٢ / ٢٤٦ ، الفصول المهمة.