من سالف الزمن وما هو آت ، أن تفارق هذه الحياة لتنعم بجوار الله ولطفه ، وجاء ملك الموت فاستأذن بالدخول على الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، فأخبرته الزهراء بأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مشغول بنفسه عنه ، فانصرف وعاد بعد قليل يطلب الإذن ، فأفاق الرسول (صلّى الله عليه وآله) من إغمائه ، وقال لابنته : «أتعرفيه؟».
ـ «لا يا رسول الله».
ـ «إنّه معمّر القبور ، ومخرّب الدور ، ومفرّق الجماعات».
وقُدَّ قلب الزهراء (عليها السّلام) وأحاط بها الذهول وأخرسها الخطب ، واندفعت تقول : «وا ويلتاه لموت خاتم الأنبياء! وا مصيبتاه لممات خير الأتقياء ، ولانقطاع سيّد الأصفياء! وا حسرتاه لانقطاع الوحي من السماء! فقد حُرمت اليوم كلامك».
وتصدّع قلب النبي (صلّى الله عليه وآله) وأشفق على بضعته فقال لها : «لا تبكي فإنك أوّل أهلي لحوقاً بي» (١).
وأذن النبي (صلّى الله عليه وآله) بالدخول لملك الموت ، فلمّا مثل أمامه قال له : يا رسول الله ، إنّ الله أرسلني إليك ، وأمرني أن أطيعك في كل ما تأمرني ؛ إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها ، وإن أمرتني أن أتركها تركتها.
فبهر النبي (صلّى الله عليه وآله) وقال له : «أتفعل يا ملك الموت ذلك؟».
ـ بذلك اُمرت أن أطيعك في كل ما أمرتني.
وهبط جبرئيل على النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال له :
__________________
(١) درّة الناصحين / ٦٦.