لقد حفلت وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) بأحداث رهيبة بالغة الخطورة كان من أفجعها وأقساها إبعاد العترة الطاهرة عن الشؤون السياسية في البلاد ، وجعلها في معزل عن واقع الحياة الاجتماعية ، في حين أنّ الاُمّة لم تكن بأي حال في غنى عن ثرواتها الفكرية والعلمية المستمدّة من الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله).
كما أنّ الهزّات العنيفة التي مُنيت بها الاُمّة إنّما جاءت نتيجة حتمية لفصل الخلافة عن أهل البيت (عليهم السّلام) ، فقد انتشرت الأطماع السياسية بشكل سافر عند كثير من الصحابة ، مما أدّى إلى تشكيلهم للأحزاب النفعية التي لم تكن تنشد في مخططاتها السياسية سوى الوصول إلى الحكم والتنعّم بخيرات البلاد.
وعلى أيّ حال فإن موت الرسول (صلّى الله عليه وآله) كان من أفجع الكوارث الاجتماعية التي دهمت المسلمين ، وقد حكى الذكر الحكيم مدى خطورتها قال تعالى : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا).
وقد تحقّق هذا الانقلاب الخطير الذي عناه الله على مسرح الحياة العامة ، وكان من أفجع أنواعه إبادة العترة الطاهرة على صعيد كربلاء ، ورفع رؤوس أبناء النبي (صلّى الله عليه وآله) على الحراب ، وسبي مخدرات الرسالة يُطاف بها في الأقطار والأمصار.