لقد جئت شيئاً فرياً. أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ، إذ يقول : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ). وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ يقول : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا). وقال : (وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ). وقال : (يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْن). وقال : (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ). وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي ولا رحم بيننا؟ أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أوَلست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي؟».
ثمّ وجّهت خطابها إلى أبي بكر فقالت له : «فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون ، ولِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ ، وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ».
واتّجهت نحو فئة المسلمين تستنهض هممهم ، وتوقظ عزائمهم للمطالبة بحقّها ، والثأر لها قائلة : «يا معشر الفتية وأعضاد الملّة وحضنة الإسلام ، ما هذه الغميزة في حقّي ، والسّنة عن ظلامتي؟! أما كان رسول الله أبي يقول : المرء يحفظ في ولده؟ سرعان ما أحدثتم ، وعجلان ذا إهالة ، ولكم طاقة بما أحاول ، وقوة على ما أطلب وأزاول ، أتقولون : مات محمد فخطب جليل استوسع وهيه ، واستنهر فتقه ، وانفتق رتقه ، واظلمّت الأرض لغيبته ، وكسفت