ويخرج من السحر فلا يعود إلاّ بعد العتمة ، ولا يتناول من طعام معاوية شيئاً ، وكان يتناول كسراً من الخبز ويجعلها في الماء تحرّجاً من أن يدخل جوفه شيء من الحرام ، وانبرت الجارية فأخبرت معاوية بشأنه ، فكتب إلى عثمان بأمره فأوعز إليه بصلته (١).
وقد نقم المسلمون على عثمان ، وعابوا عليه ما ارتكبه في شأن هذا الرجل الصالح الذي أمره بتقوى الله والعدل في الرعية.
وظلّ عبد الله بن عامر والياً على البصرة يسير فيها بسيرة لم يألفها المسلمون ، فلم يتحرّج عن الإثم والبغي والاعتداء ، ولمّا قتل عثمان نهب ما في بيت المال وسار إلى مكة فوافى بها طلحة والزبير وعائشة فانضمّ إليهم ، وأمدّهم بالأموال ليستعينوا بها على مناجزة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وهو الذي أشار عليهم بالنزوح إلى البصرة والانصراف عن الشام (٢).
وعهد عثمان بولاية الكوفة إلى الوليد بن عقبة بعد أن عزل عنها سعد بن أبي وقاص الزهري ، وأجمع المؤرّخون على أنه كان من فسّاق بني أمية ومن أكثرهم مجوناً وانحرافاً عن الإسلام ، وهو ممّن أخبر النبي (صلّى الله عليه وآله) بأنه من أهل النار (٣) ، وكان أبوه عقبة من ألدّ أعداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فكان يأتي بالفروث فيطرحه على بابه (٤) ، وقد بصق في وجه النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فهدّده (صلّى الله عليه وآله) بأنه إن وجده خارجاً من جبال مكّة يأمر بضرب عنقه ، فلمّا كانت واقعة بدر امتنع من الخروج ، فأصرّ عليه أصحابه بالخروج معهم
__________________
(١) الإصابة ٣ / ٨٥.
(٢) اُسد الغابة ٣ / ١٩٢.
(٣) مروج الذهب ٢ / ٢٢٣.
(٤) طبقات ابن سعد ١ / ١٨٦.