فأخبرهم بمقالة النبي (صلّى الله عليه وآله) له ، فأغروه وخدعوه ، وقالوا له : لك جمل أحمر لا يدرك ، فلو كانت الهزيمة طرت عليه.
فاستجاب لهم ، وخرج لحرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلمّا هزم الله المشركين حمل به جمله في جدود من الأرض فأخذه المسلمون ، وجاؤوا به أسيراً ، فأمر علياً بضرب عنقه ، فقام إليه وقتله (١).
وقد اُترعت نفس الوليد بالحقد على النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنه قد وتره بأبيه ، وقد أسلم مع مَن أسلم من كفّار قريش ؛ خوفاً من حدّ السيف الذي نزع روح أبيه.
وقد لقبّه القرآن الكريم بالفاسق ، ويقول المؤرّخون والمفسّرون : إنه نزلت آيتان في فسقه :
الاُولى : قوله تعالى : (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (٢). وكان سبب نزول هذه الآية أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) أرسله إلى بني المصطلق لأخذ الصدقة ، فعاد إليه وأخبره بأنهم منعوه عنها ، فخرج (صلّى الله عليه وآله) إليهم غازياً فتبيّن له كذبه ونزلت الآية معلنة فسقه.
الثانية : قوله تعالى : (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا) (٣). وسبب نزولها أنّه جرت مشادّة بينه وبين الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، فقال له الوليد : اسكت فإنك صبي وأنا شيخ ؛ والله إنّي أبسط منك لساناً ، وأحدّ منك سناناً ، وأشجع منك جناناً ، وأملأ منك حشواً في الكتيبة.
فقال له علي (عليه السّلام) :
__________________
(١) الغدير ٨ / ٢٧٣.
(٢) سورة الحجرات / ٦ ، يقول ابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٦٢ : لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أنّ الآية نزلت في الوليد.
(٣) سورة السجدة / ١٨.